للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحويلها إلى مؤسسة اجتماعية. فالمفروض أن لا تكون الكنيسة مصدرًا للتفسير والتشريع، وأن لا تكون هي الجهة التي تحدد الخطأ والصواب وتميز بين الحق والباطل، ولكن الذي يحدد ذلك هو الحكم الفردي للمرء (Private Judgement)، فمن الممكن للكاثوليكي أن يرفض التفسيرات التي تقدمها سلطات الكنيسة ويصل إلى تفسيرات خاصة به يقبلها ضميره (١).

وتعتبر العصرانية الكنيسة مؤسسة تاريخية، ولكن لم يؤسسها المسيح إنما نشأت استجابة لحاجات معينة، وأنها بأنظمتها الحالية أثر من تطور المسيحية، خدمت الدين المسيحي في ظروف سابقة ولكنها الآن وبأنظمتها العتيقة تقتل "الروح" الحقيقية للمسيحية، ولكن مع هذا فإن أحدًا من الكُتَّاب الرئيسيين في هذه الحركة لم يقدم طريقة محددة لإصلاح الكنيسة، ولقد كان يظن أنه بإحياء "الروح" الحقيقية للمسيحية فإن الكنيسة تلقائيًا وبحركة من داخلها ستصلح أخطاءها، وتستجيب للحاجات التي تفرضها عليها ظروف العصر (٢).

التجديد العصراني للبروتستانتية:

وفي الوقت نفسه وفي خطوط متوازية سار التجديد في البروتستانتية الحرة (Liberal Protestantism)، ومن المؤكد أن المفكرين في كلا الحركتين قد أثروا وتأثروا بعضهم ببعض (٣). وفي كل من ألمانيا وإنجلترا وفرنسا وأمريكا ظهر مفكرون بارزون في حركة البروتستانتية الحرة. وحتى تتضح أوجه المقارنة بين العصرانية في شقي النصرانية، هذه بعض أمثلة من آراء أحد المفكرين الكبار وهو البروفيسور أوجيست سباتية (١٨٣٠ - ١٩٠١ م)، الذي كان أستاذًا في كلية اللاهوت البروتستانتي في جامعة باريس، وتظهر آراء سباتية في مؤلفين "مخطط فلسفة الدين" (١٨٩٧ م) و"دين السلطة ودين الروح" (١٩٠٣ م)، ويغطي الكتابان نفس الموضوعات، وينتقدان نقدًا مرًا ما سمي بدين "السلطة" والمقصود بها البروتستانتية التقليدية (Orthodox Protestantism) والكاثوليكية، ويحبذان ما يسميه


(١) "تكوين العقل الحديث" راندال. P.٥٠٢
(٢) " موسوعة الدين والأخلاق" V.٨ p.٧٦٨.
(٣) راجع مقال: A Vieban, Modernism and protestantism American Ecclesiastical Review (August ١٩٠٩) V.٤١ P.١٢٩ - ١٥١.