الذّئب يطرقها في الدّهر واحدة ... وكلّ يوم تراني مدية بيدي (١)
وقبله:
تركت ضأني تودّ الذّئب راعيها ... وأنّها لا تراني آخر الأبد
قوله:(مدية) يروى بالرفع على الابتداء، والنصب مفعول لمحذوف، أي حاملا أو آخذا، أو بدل من الياء. وقال التبريزي: تود متعد لإثنين اجراء له مجرى أفعال الشك واليقين، أو لواحد. وراعيا: حال. وواحدة: نصب على الظرف، أي مرة واحدة. أو صفة لمصدر محذوف، أي طرفة واحدة وكل يوم ظرف لقوله تراني. ومدية بيدي: نصب على الحال، أي تراني حاملا مدية لها. أو بدل من الضمير في تراني بدل اشتمال، أي ترى مدية بيدي. ووجه الرفع أن الضمير في (بيدي) كما يعلق في تذكرته مغن عن الواو، لأن الضمير يعلق العاطف. وقال ابن الصائغ في تذكرته: روى مدية بالنصب والرفع، فالنصب على الحال بتقدير جاعلا مدية بيدي، كما جاء في كلمته فوه إلى فيه بالنصب على معنى جاعلا فاه الى فيّ.
والرفع على أنه مبتدأ. وساغ الإبتداء بالنكرة لأن في الأخبار عنها فائدة كذا.
قال ابن السراج فيما نقل عنه ابن ابان: ويجوز أن يكون المسوغ لذلك كون هذه الجملة حالية وهي على تقدير الوالد. وقد أجازوا الإبتداء بالنكرة إذا كانت بعد واو الحال كقولك: نجم قد أضاء. وقول: وبرمة على النار. وقد نقل لي بعض أصحابنا عن الجزولية الكبرى، وقد وقف عليها: إن فيها من المسوّغات للإبتداء بالنكرة وقوعها بعد واو الحال ظاهرة أو مقدرة على أنه يجوز أن يكون الخبر محذوفا. وبيدي صفة لمدية والتقدير: مدية بيدي أذبح بها، انتهى.