للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أعجب بما عنده نسي أن هذا فضل اللَّه عليه، وأن الذي أعطاه قادر على أن يأخذه فيعود فقيرًا كما كان، فكانت عاقبته ما ذكره اللَّه: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (٤٢)} [الكهف].

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: قال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ (١)، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ (٢) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (٣).

وروى البزار من حديث أنس رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «لَوْ لَمْ تَكُونُوا تُذْنِبُونَ، لَخَشِيتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ: الْعُجْبَ» (٤).

وروى البزار من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ» (٥).

ورُوِيَ عن ابن مسعود رضي اللهُ عنه أنه قال: «الهلاك في شيئين: العُجب والقنوط» (٦).

قال ابن قدامة رحمه الله: واعلم أن العُجب يدعو إلى الكِبر لأنه أحد أسبابه فيتولد من العُجب الكبر، ومن الكبر الآفات الكثيرة وهذا مع


(١) هي مجتمع الشعر إذا تدلى من الرأس إلى المنكبين.
(٢) المراد أنه ينزل في الأرض مضطربًا متدافعًا.
(٣) ص: ١١٣٢، برقم ٥٧٨٩، وصحيح مسلم ص: ٨٦٦، برقم ٢٠٨٨.
(٤) كشف الأستار (٤/ ٢٤٤) برقم ٣٦٣٣، وقال المنذري في كتابه الترغيب والترهيب (٣/ ٥٤٥ - ٥٤٦): رواه البزار بإسناد جيد.
(٥) (١/ ٥٩) برقم ٨٠، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم ١٨٠٢.
(٦) مختصر منهاج القاصدين: ص: ٢٩٨، ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>