منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم، ولهذا قال:{فَظَلَمُوا بِهَا}، أي: جحدوا بها ولم يتبعوا الحق بسببها - أي: أكثرهم.
ولهذا قال لهم صالح - عليه السلام -: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} أضافها للَّه سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم؛ كقوله: بيت الله، وعبد الله. {لَكُمْ آيَةٌ} أي: دليلًا على صدق ما جئتكم به {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ترعى حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يومًا بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم، ويقال: إنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم، ولهذا قال:{لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}، وقال تعالى:{إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} أي اختبارًا لهم، أيؤمنون بها، أم يكفرون؟ والله أعلم بما يفعلون:{فَارْتَقِبْهُمْ} أي: انتظر ما يكون من أمرهم {وَاصْطَبِرْ} على أذاهم، فسيأتيك الخبر على جَلية {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ}[القمر: ٢٧ - ٢٨]. فلما طال عليهم الحال هذا، اجتمع ملؤهم، واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة؛ ليستريحوا منها، ويتوفر عليهم ماؤهم، وزيَّن لهم الشيطان أعمالهم، قال الله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ