الثانية: ينبغي للداعي في أول دعوته لقومه أن يخاطبهم بألطف الأقوال وألينها، ولهذا قال هود لقومه: ياقوم.
الثالثة: أن أعظم ما أمر الله به خلقه وبعث به رسله هو عبادته وحده لا شريك له، قال هود:{يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ}[هود: ٥٠]، وهذه الكلمة الحق التي دعا إليها جميع الرسل.
الرابعة: على الداعي أن يبين الدليل على صحة ما يدعو إليه، حتى وإن كان ما يدعو إليه حقًّا ظاهرًا لا خفاء فيه؛ كالدعوة إلى عبادة الله وحده، فإن هودًا - عليه السلام - لما دعا قومه إلى عبادة الله ذكر لهم الدليل على أنه سبحانه المستحق أن يعبدوه وحده فقال:{مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}. وهذه حقيقة يعرفها جميع الخلق وتستيقنها أنفسهم، وتشهد بها الآيات في أنفسهم وفيما حولهم، قال تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}[فصلت: ٥٣].
الخامسة: أن اللين في الدعوة إلى الله - عز وجل - وإن كان مطلوبًا في أول الدعوة، فلا يلزم استمراره دائمًا، فإذا احتاج الداعي إلى الشدة وجب عليه استعمالها لاسيما على من ظهر عناده بعد قيام الحق عليه، وبذلك قال هود لقومه:{إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ}.