للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتُطامن (١) رؤوسًا رُفعت بالفتح ولم تدخل بلده وحرمه كما دخله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضعًا رأسه منحنيًا على ناقته حتى إن ذقنه تكاد أن تمس وسط رحله تواضعًا لربه وخضوعًا لعظمته، واستكانة لعزته أن أحل له حرمه وبلده، ولم يُحله لأحدٍ قبله ولا لأحدٍ بعده (٢).

وليبين سبحانه لمن قال: «لن نُغلب اليوم من قلة» (٣)

أن النصر إنما هو من عنده، وأنه من ينصره فلا غالب له، ومن يخذله فلا ناصر له غيره، وأنه سبحانه هو الذي تولى نصر رسوله ودينه لا كثرتكم التي أعجبتكم، فإنها لم تُغن عنكم شيئًا فوليتم مدبرين، فلما انكسرت قلوبهم أُرسلت إليها خلع الجبر مع بريد: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة:٢٦].

وقد اقتضت حكمته أن خِلَع النصر وجوائزه إنما تُفَضُّ (٤)


(١) وقال محققو زاد المعاد: ... كما في سيرة ابن هشام (٢/ ٤٠٥)، من رواية ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي حزم مرسلًا، وله شاهد من حديث أنس عند الحاكم (٣/ ٤٧)، وعنه البيهقي في الدلائل (٥/ ٦٨)، إلا أن إسناده ضعيف. وانظر الكامل لابن عدي (٤/ ٢٥٩).
(٢) بعض المسائل لم يذكر أصلها في الغزوة اختصارًا، فتراجع في كتب السير لمن أراد.
(٣) قال محققو الزاد: كما في مرسل قتادة والسدي عند الطبري في تفسيره (١١/ ٣٨٧، ٣٨٩)، ومرسل الربيع بن أنس عند البيهقي في دلائل النبوة (٥/ ١٢٣)، وقد ذكره ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (٢/ ٤٤٤)، والواقدي (٣/ ٨٨٩)، وابن سعد (٢/ ١٣٩).
(٤) أي: تُوزع وتقسم، يقال: فض المال على القوم، أي فرقه وقسمه عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>