للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩].

ولو توكل العبد على الله حق التوكل لم يحتج إلى غيره، لكن لما علم الله تعالى ضعف البشر شرع لهم من الأسباب ما يتمم لهم به معنى التوكل، وذلك من رحمته تعالى بعباده ولطفه بهم.

قال المروذي رحمه الله: قيل لأبي عبد اللَّه: أي شيء صدق التوكل على اللَّه؟ قال: أن يتوكل على اللَّه، ولا يكون في قلبه أحد من الآدميين يطمع أن يجيئه بشيء، فإذا كان كذا كان اللَّه يرزقه وكان متوكلاً (١).

فعلى المسلم أن يفهم هذه الحقائق، وأخص بالذكر إخوانًا لنا يطلبون أرزاقهم بطرق محرمة أو مشبوهة، كالذين يعملون في البنوك الربوية، أو يتاجرون بما حرم الله، كآلات اللهو أو المخدرات، أو الخمور، أو الدخان، أو يتعاملون بالكذب والغش والخيانة والخداع، لأخذ أموال الناس بغير حق، ويكفي أن نسوق إلى هؤلاء جميعًا هذا الحديث العظيم الذي أوحاه جبريل الأمين إلى الرسول الكريم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فاسمعوه وتأملوه؛ فإنه جدير بالتفهم والتدبُّر لما اشتمل عليه من الحكم العظيمة.

رواى أبو نعيم في حلية الأولياء من حديث أَبِيْ أُمَامَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ»: إِنَّ رُوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوْعِي: أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوْتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ أَجَلَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمْ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَاّ بِطَاعَتِهِ» (٢).

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١) جامع العلوم والحكم (٢/ ٥٠٣).
(٢) حلية الأولياء (١٠/ ٢٧) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٢٠٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>