للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تميل نفسه إليه فيصير إرادة، ثم لا يزال يمثل له ويخيل، ويمني ويشهي، وينسي علمه بضررها، ويطوي عنها سوء عاقبتها فيحول بينه وبين مطالعته، فلا يرى إلا صورة المعصية والتذاذه بها فقط، وينسى ما وراء ذلك، فتصير الإرادة عزيمة جازمة فيشتد الحرص عليها من القلب، فيبعث الجنود في الطلب، فيبعث الشيطان معهم مددًا لهم، وعونًا، فإن فتروا حركهم، وإن ونوا أزعجهم، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: ٨٣]. أي: تزعجهم إلى المعاصي إزعاجًا، كلما فتروا أو ونوا أزعجتهم الشياطين، وأزتهم، وأثارتهم، فلا تزال بالعبد تقوده إلى الذنب، وتنظم وتسهل الاجتماع بألطف حيلة وأتم مكيدة، فأصل كل معصية، وبلاء إنما هو الوسوسة، فلهذا وصفه بها لتكون الاستعاذة من شرها أهم من كل مستعاذ منه، وإلا فشره بغير الوسوسة حاصل أيضًا» (١).

ومن فوائد السورة الكريمة:

١ - إثبات الربوبية، والملك، والألوهية لله تعالى، فهو رب كل شيء ومليكه والخلق كلهم عبيده، وتحت ملكه، قال تعالى: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَاّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٩٣]. وقال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [الأعراف: ٢٠٠]. وقال تعالى: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِين * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُون} [المؤمنون: ٩٧ - ٩٨]. وهذه الاستعاذة لها مواضع عند القراءة، والغضب، وفي الصلاة .. وغيرها.


(١) بدائع التفسير (٥/ ٤٥٢ - ٤٥٣) مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>