للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقياس في معنى الأصل وغير ذلك، ومثل الجمود على الاستصحاب الضعيف، ومثل الإعراض عن متابعة أئمة من الصحابة ومن بعدهم ما هو معيب عليهم، وكذلك القدح في أعراض الأئمة، لكن الغرض أن قول هؤلاء في استيعاب النصوص للحوادث، وأن الله ورسوله قد بين للناس دينهم، هو أقرب إلى العلم والإيمان الذي هو الحق، ممن يقول: إن الله لم يبين للناس حكم أكثر ما يحدث لهم من الأعمال، بل وكلهم فيها إلى الظنون المتقابلة والآراء المتعارضة.

ولا ريب أن هذا سببه (١) كله ضعف العلم بالآثار النبوية والآثار السلفية، وإلا فلو كان لأبي المعالي وأمثاله بذلك علم راسخ، وكانوا قد عضوا عليه بضرس قاطع، لكانوا ملحقين بأئمة المسلمين، لما كان فيهم من الاستعداد لأسباب الاجتهاد، ولكن اتباع (٢) أهل الكلام المحدث والرأي الضعيف للظن وما تهوى الأنفس، ينقص (٣) صاحبه إلى حيث جعله الله مستحقًا لذلك، وإن كان له من الاجتهاد في تلك الطريقة ما ليس لغيره، فليس الفضل بكثرة الاجتهاد، ولكن بالهدى والسداد، كما جاء في الأثر: "ما ازداد مبتدع اجتهادًا إلا ازداد من الله بعدًا" (٤).

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخوارج: "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن


= وقد عقد ابن قدامة المقدسي -رحمه الله- فصلًا في إثبات القياس والرد على منكريه في "روضة الناظر" ص: ١٤٧ - ١٥٣.
(١) في س، ط: سبب. وهو تصحيف.
(٢) في س، ط: اتبع. وهو تصحيف.
(٣) في ط: الذي ينقص.
(٤) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٣/ ٩ بسنده عن أيوب السختياني قال: "ما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا. . ".
وانظره في "الاعتصام" للشاطبي ١/ ٨٣ - عن أيوب السختياني.

<<  <  ج: ص:  >  >>