قال الذَّهبيّ: وكان الشَّيخ تاج الدِّين الفزاري يبالغ في تعظيم الشَّيخ تقي الدين، بحيث إنَّه علَّق بخطه درسه بالسكرية.
ثمَّ جلس عقب ذلك مكان والده بالجامع على منبر أيام الجمع، لتفسير القرآن العظيم، وشرع من أول القرآن. فكان يورد من حفظه في المجلس نحو كراسين أو أكثر، وبقي يفسر في سورة نوح، عدة سنين أيام الجمع.
وفي سنة تسعين: ذكر على الكرسي يوم جمعة شيئًا من الصفات، فقام بعض المخالفين، وسعوا في منعه من الجلوس، فلم يمكنهم ذلك.
وقال قاضي القضاة شهاب الدِّين الخُوَيّي: أنا على اعتقاد الشَّيخ تقي الدين، فعوتب في ذلك. فقال: لأن ذهنه صحيح، ومواده كثيرة. فهو لا يقول إلَّا الصحيح.
وقال الشَّيخ شرف الدِّين المقْدِسِيّ: أنا أرجو بركته ودعاءه، وهو صاحبي، وأخي. وذكر ذلك البرزالي في «تاريخه».
وشرع الشَّيخ في الجمع والتصنيف، من دون العشرين، ولم يزل في علوٍّ وازدياد من العلم والقدر إلى آخر عمره.
قال الذَّهبيّ في «معجم شيوخه»(١): أحمد بن عبد الحليم ــ وساق نسبه ــ الحَرَّاني، ثمَّ الدِّمشقي، الحنبلي أبو العبَّاس، تقي الدين، شيخنا وشيخ الإسلام، وفريد العصر علمًا ومعرفة، وشجاعة وذكاء، وتنويرًا إلهيًّا، وكرمًا ونصحًا للأمة، وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر. سمع الحديث، وأكثر
(١) هذا النقل ليس في «معجم الشيوخ» المطبوع، ولعله من نسخة أو إبرازة أخرى للمعجم.