مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك"، ذكره في البر من حديث أبي هريرة، ورواه عنه أيضا باللفظ الواقع هنا أحمد والبزار، قال الهيثمى: ورجال البزار فيهم عبد الرحمن بن مغراء، وثقه أبو زرعة وجمع، وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح، وإسناد أحمد منقطع اهـ. والمؤلف رمز لحسنه.
قلت: في هذا أوهام متعددة: الأول: أنه حكم على المصنف بالذهول لعدم عزوه إلى مسلم، ثم ذكره بلفظ آخر مغاير للفظ الكتاب، إذ حديث الكتاب فيه: "إذا طبختم اللحم فأكثروا المرق"، وحديثه الذي استدركه، فيه: "إذا طبخت المرق فأكثر الماء" (١)، فأين هذا اللفظ من ذاك؟ ومن أحق حينئذ أن يحكم عليه بالذهول؟
الثانى: أن الحديث من رواية أبي ذر لا من رواية أبي هريرة.
الثالث: أن الحديث عند مسلم غير مصدر باللفظ الذي ذكره الشارح، بل بلفظ آخر يدخل في حرف "الياء"، فإنه أخرجه من طريق أبي عمران الجونى عن عبد اللَّه بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك" (١).
وهكذا أخرجه البخارى في الأدب المفرد [ص ٥٥، رقم ١١٤] بلفظ: "يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماء المرقة وتعاهد جيرانك، أو اقسم في جيرانك".
ورواه أبو نعيم في الحلية [٨/ ٣٥٧] من وجه آخر من طريق الثورى عن الأعمش عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن أبي ذر قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا طبخت قدرا فأكثر المرق واغرف لجيرانك".