قال في الكبير: رمز المصنف لحسنه، وليس ذا منه بحسن، فقد أعله الهيثمى بأن فيه معاوية بن يحيى الصدفى، قال ابن معين: هالك ليس بشيء.
قلت: قدمنا مرارا أن الحافظ الهيثمى يحكم على الحديث بالنسبة للطريق التي أمامه فقط، غير ناظر إلى ما فيه من العلل، ولا إلى ماله من الشواهد والمتابعات لذلك قد يقول عن حديث: إنه صحيح أو حسن ويكون في الواقع ضعيفا، بل باطلا؛ لكونه معلولا بعلة لا تظهر من ذلك السند بل من أسانيد أخرى ليس من شرط الهيثمى أن يبحث عنها أو يتعرض لها لأنها ليست من موضوع كتابه، وقد يقول عن الحديث: إنه ضعيف ويكون حسنا أو صحيحا لوجوده من طرق أخرى ليست هي أيضًا من شرط الهيثمى ولا من موضوع كتابه.
أما المؤلف فإنه يحكم على المتن من حيث هو لا باعتبار سند مخرج واحد وطريق واحد، وإنما لا يذكر المخرجين والطرق أحيانا؛ لاختلاف ألفاظ المتن الذي يحكم عليه اصطلاح كتابه أن يكرره مرارا ويفرقه في مواضع بحسب أول لفظه كما هو معلوم.
وهذا الحديث هو صحيح عن أبي الدرداء موقوفًا عليه من طرق، كذلك أخرجه أحمد في الزهد [ص ١٦٩] من رواية جبير بن نفير، وابنه عبد اللَّه بن أحمد في زوائده [ص ١٦٩]، وأبو نعيم في الحلية [١/ ٢١٢ - ٢١٣]، وابن عبد البر في العلم [رقم ١٣٨، ١٤٠] من رواية سالم بن أبي الجعد، وابن المبارك في الزهد [ص ١٩١]، والآجرى في العلم، وعبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد [ص ١٧٠] من رواية خالد بن معدان، وأبو نعيم في الحلية [١/ ٢١٢] من رواية نعمان بن عامر كلهم عن أبي الدرداء به من قوله، وخالفهم معاوية بن يحيى فرواه عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولانى