للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو حيان: والألف في الدنيا للتأنيث، ولا تحذف منها الألف واللام إلّا في شعرٍ:

في سَعْي دُنْيَا طَالَمَا قَدْ سُدَّت

والدنيا تارةً تستعمل صفةً، وتارة تستعمل استعمال الأسماء، فإذا استعملت صفةً، فالياء مُبْدَلة من واوٍ إذْ هي مشتقَّةٌ من الدُّنُوّ، وذلك نحو: العليا، ولذلك جَرَتْ صفةً على الحياة في قوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} فأمَّا القصوى والحلوى: فشاذٌّ، وإذا استعملت استعمال الأسماء فكذلك، وقال أبو بكر بن السرَّاج في "المقصور والممدود" له: الدُّنيا مؤنّثةُ الأدنى، مقصورةٌ تكتب بالألف، هذه لغة نجدٍ، وتميمٍ خاصَّةً، إلّا أنَّ أهل الحجاز، وبني أسد يلحقونها ونظائرها بالمصادر ذوات الواو، فيقولون: دُنْوَى، مثل: شُرْوَى، وكذلك يستعملون بكل فُعْلى موضع لامها واوًا يفتتحون أوَّلها، ويقلبون الواوَ ياءً؛ لأنّهم يستثقلون الضمّة والواو. انتهى. {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} القيامة فيه إعلال بالقلب، فالياء فيه منقلبة عن واو؛ لأنّه من قام يقوم، واويَّ العين، أعلَّت عين المصدر حملًا له على الفعل قام، فالأصل: القوامة، أبدلت الواو ياءً؛ لوقوعها إثر كسرةٍ وبعدها ألفٌ {يُرَدُّونَ} أصله: يردد، نقلت حركة الدال الأولى إلى الراء فسكنت، فأدغمت في الدال الثانية {إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} أصله: أشدد، نقلت حركة الدال الأولى إلى الشين فسكنت، فأدغمت في الدال الثانية {اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} أصله: اشتريوا من اشترى بوزن افتعل من الشراء، تحرَّكت الياء وانفتح ما قبلها، فَقُلِبَتْ ألفًا، فالتقى ساكنان الألف، وواو الجماعة، فحذفت الألف {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} آتينا أصله: أَأْتينا بوزن أَفْعلنا، أبدلت الهمزة الساكنة حرف مدّ للأولى {وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ} يقال: قفوت الأثر اتَّبعته، والأصل: أن يجيء الإنسان تابعًا لقفا الذي اتَّبعه، ثُمَّ تُوسِّع فيه حتى صار لمطلق الاتباع، وإنْ بَعُد زمان المتبوع من زمان التابع، وقال أُميَّةُ:

قَالَتْ لأخْتٍ لَهُ قُصِّيْهِ عَنْ جُنُبٍ ... وَكيَفْ تَقْفُو ولا سَهْلَ ولا جُدَدُ

وفي "السمين": {وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ} التضعيف فيه للتعدية، إذ لو كان