يدري ما الحال وما التمييز، أو كان يعرف هذه الأسماء التي سمّيتموها أنتم ومشايخكم؟
في كتاب «الصاحبي» أن عربياً سُئل: أتجرّ فلسطين؟ فعجب وقال:"إني إذن لقوي"! ما فهم من كلمة الجرّ إلا السحب. وأنه قيل لآخر: أتهمز إسرائيل؟ قال:"ما كنت رجل سَوء"، لم يفهم من الهمز إلا شيئاً بمعنى الوكز واللكز.
و «الصاحبي» هو من أوائل ما قرأت من الكتب، ألفه أحمد ابن فارس وسمّاه كذلك تقرّباً إلى الوزير الصاحب بن عباد. وكان واحداً من اثنين هما من عباقرة علماء اللغة، وكانا في عصر واحد، أحمد بن فارس هذا وابن جِنّي.
* * *
أمامي الآن عدد من مجلة الرسالة صدر يوم ٢ شوال سنة ١٣٥٣هـ، في السنة التي قدمت فيها مكة أول مرة من خمس وخمسين سنة، فيه مقالة لي عنوانها «آفة اللغة هذا النحو». وليس هذا العنوان لي، ولكني استعرته من مقالة للأستاذ الزيات كان نشرها في الرسالة قبل هذا التاريخ.
ما قلت أنا ولا قال هو «آفة اللغة النحو» بل: «هذا» النحو؛ فالنحو هو خلاصة علوم العربية، وقد كان أكثر ما يعتنون به من علومها ونحن صغار، كما كانت العناية بالفقه من بين علوم الشريعة، لأن النحو هو الذي يستقيم به اللسان ويُجتنَب به اللحن في الكلام، والفقه هو الذي يُعرَف به الحلال من الحرام.
وكما كان الدين سهلاً قريباً، يجيء الأعرابي من باديته فيقعد