وهذه نزعة شيطانية من أهل المشرق، ولما كان في أهل المغرب من التواضع، كانوا يغيرون الأسماء لما هو منهي عنه أيضًا، فيقولون لمحمد: حمود، ولأحمد: حمدوس، وليوسف: يوسو، ولعبد الرحمن: رحمو، ونحوه، انتهى.
أقول: أما كون هذه بدعة حدثت بعد العصر الأول، فلا شبهة فيه، وأما كونها ممنوعة شرعًا، أو مكروهة، فلا وجه له، وما تشبث به أوهَى من بيت العنكبوت، وما نقله عن النووي وغيره من السلف لا أصلَ له، وكذا ما نقل عن شيخ والدي ناصر الدين اللقاني: أنه كان يكتب في الفتاوى: ناصر لهذا، وقد غرني بذلك مدة، ثم رجعت عنه لعدم ثبوته، وكونه كذبًا يكتب في صحيفة مجازفة، لا ينبغي أن يقال مثله في الرأي، وهذا لم يضعه الإنسان لنفسه، وإنما سماه به أبواه في صغره وعدم تكليفه، وكونه تزكية لنفسه أيضًا غيرُ صحيح؛ لأن الإضافة تكون لأدنى ملابسة، فهو مضاف للسبب تفاؤلًا، فعزُّ الدين، بمعنى: يعزه الله بالدين، وكذا محيي الدين، بمعنى: محيي نفسِه بالدين، فقياسه على "برة" قياسٌ فاسد مع الفارق، ولو صح هذا، مُنع: أحمد، ومحمد، وحسن - وهو محمود -، وقد قال المحدثون: إذا اشتهر اللقب، جاز، وإن كان ذمًا؛ كأعرج وأعمش، وما ذكر تضييق وحرج في الدين، وفي هذا الكتاب كثير من هذا النمط، فإياك والاغترارَ به، والأعلام إنما تدل وضعًا على الذات، والتفاؤلُ بالأمور المستحسنة مستحب؛ لقوله في الحديث: كان يحبُّ الفأل ويكره الطِّيَرَةَ، ويحمد قائله لا يعتقد ثبوت ما يقال به، وإنما سمي به، فلا كذب، والأعلامُ لا حجرَ فيها، والتشبُّه بالعجم فيما لا يزاحم الشرع غيرُ منهيٍّ عنه إلا للعصبية المذمومة؛ بدليل حديث الخندق، ويدلُّ على ما ذكرناه حديثُ تسمية النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمحمد؛ وأما حديث بَرَّة - إن صحّ - فإنما فعله - صلى الله عليه وسلم - لكونه من أعلام الجاهلية، أو لمعنى آخر؛ بدليل أنها كانت برةً في نفسها، انتهى. قال الجامع لهذا المختصر: هذا كلام فيه ما يُقبل وما يُرد، وموضع بسط الكلام عليه غير هذا الموضع.