للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبدع أسلوب، وقد اطلعت على غالب "شروح الأزهار"، فلم أر في شروحه ما يدانيه في إيراد الأدلة، وإنما لم يرتض ما بُني في ذلك الكتاب من التفاريع على القياس الذي علتُه المناسبة، أو تخريج، وسبيل الإمام في ذلك [...] المفرعين من سائر المذاهب الإسلامية؛ فإن كتبهم الفروعية ممزوجة بذلك على أن كلامه مع الجميع من أهل المذاهب، لأن المأخذ واحد، والرد واحد، وإن كان في الحقيقة أن الخطب يسير، والخلاف في المسائل العلمية الظنية سهل؛ لأنها مطارح الأنظار، والاجتهادُ يدخلها، والمصيب من المجتهدين في ذلك له أجران، والمخطىء له أجر، وأن تنبيه العالم بالخطأ على ذلك الخطأ للمقلد لا بأس به، لئلا يقلد في الخطأ؛ فإنه مؤاخذ به، مع أن من قلده معفو عنه في ذلك.

وهذه الطريقة ربما يُحمد عليها من قصد ذلك، ولا يخرج المجتهد ما اجتهد ونبه على فيه، الخطأ بحسب ما ظهر له عن توليه لأهل بيت النبوة - صلوات الله عليهم أجمعين -؛ لأن التولية في جانب، وبيان الخطأ في جانب، وربما يحمده ذلك المجتهد الذي قد أصَّل ما هو خطأ في كتبه؛ لئلا يتبعه في ذلك الخطأ من يتبع، وهذا شأن أهل العلم في كل زمان ومكان ما بين راد ومردود عليه، وكلٌّ مأخوذ من قوله ومتروك، إلا صاحب العصمة - عليه أفضل الصلاة والتحية -.

وقد ذكر السيوطي في كتابه "الخصائص": أن من خصائص هذه الأمة: ألا يقر بعضهم بعضًا على الخطأ، ولو كان أحبَّ حبيب إليه، ومن طالع الكتب الإسلامية في الفروع والأصول على اختلاف أنواعها، عرف ذلك، وهان عليه سلوك هذه المسالك، ومن وزن الأمور بالإنصاف، لا تخفى عليه الحقيقة، ومن جمد على التقليد، وضاق عطنُه عن مدارك الاستدلال، فما له وللاعتراض على المجتهدين، ولا ينبغي له أن يضايق المجتهد في اجتهاده لأجل توقفه في موقفه الذي هو التقليد، وقد تفضل الله عليه بالاجتهاد والتجديد، ولكل منهم عرفت مقامًا شرحه في الكتاب مما يطول.

والتقليد لا يجوز إلا لغير المجتهد، والاجتهاد عند أئمة أهل البيت -

<<  <   >  >>