للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفي إبطال هذا النكاح، أو وقوفه على الإجازة، روايتان عن أحمد. وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أن من تصرف لغيره في ماله بغير إذنه، لم يكن تصرفه باطلًا من أصله، بل يَقِفُ على إجازته، فإن أجازه جاز، وإن ردّه بطل.

واستدلُّوا بحديث عروة بن الجعد في شرائه للنبي -صلى الله عليه وسلم- شاتين، وإنما كان أمَرَهُ بأن يشتري شاة واحدة، ثم باع إحداهما، وقَبِلَ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخَصَّ ذلك الإمام أحمد في المشهور عنه بمن كان يتصرف لغيره في ماله بإذن، إذا خالف الإذن.

(ومنها): تصرف المريض في ماله كله، هل يقع باطلًا من أصله، أم يوقف تصرفه في الثلث على إجازة الورثة، فيه اختلاف مشهور للفقهاء، والخلاف في مذهب أحمد وغيره. وقد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رُفِع إليه أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته، لا مال له غيرهم، فدعا بهم، فجزّأهم ثلاثة أجزاء، فأعتق اثنين، وأَرَقَّ أربعة، وقال له قولا شديدًا (١). ولعل الورثة لم يجيزوا إعتاق الجميع. والله أعلم.

(ومنها): بيع المدلَّس ونحوه، كالمصراة، وبيع النجش، وتلقى الركبان، ونحو ذلك، وفي صحته كله اختلاف مشهور في مذهب الإمام أحمد. وذهب طائفة من أهل الحديث إلى بطلانه وردِّه، والصحيح أنه يصح، ويقف على إجازة من حصل له ظلم بذلك، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه جعل مشتري المصراة بالخيار، وأنه جعل للركبان الخيار، إذا هبطوا السوق (٢)، وهذا كله يدل على أنه غير مردود من أصله.

وقد أُورد على بعض من قال بالبطلان حديث المصراة، فلم يذكر عنه جوابًا.

وأما بيع الحاضر للبادي: فمن صححه جعله من هذا القبيل، ومن أبطله جعل الحق فيه لأهل البلد كلهم، وهم غير منحصرين، فلا يتصور إسقاط حقوقهم، فصار


(١) أخرجه مسلم ٦/ ١٥٤ "شرح النوويّ"، وأبو داود (٣٩٥٨) والترمذيّ (١٣٦٤) والنسائيّ (١٩٥٨) والمصنّف (٢٣٤٥).
(٢) متّفقٌ عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>