الحق خيراً لك فكأنه قال اتبع الحق وأت خيراً لك، فدل الأول على الآخر لأنه نظيره ومثله. ومنه {فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ}.
وذهب الكسائي إلى جعل هذا كله خيراً لـ ((كان)) مقدرة، كأنه قال: انته يكن ذلك خيراً لك، واتبع الحق يكن الاتباع خيراً لك، وآمنوا يكن الإيمان خيراً لكم. وهذا التقدير سهل إلا أن فيه إضمار لـ ((كان)) لا يطرد في نحو هذا؛ ألا ترى أنك إذا قلت ((انته يا فلان أمراً قاصداً)) لا يحسن فيه: انتهاؤك أمراً قاصداً؛ لأنك لم ترد هذا المعنى، وإنما أردت: انته عن هذا الأمر الذي ليس بقاصد ولا صواب، وأت أمراً فيه اقصد والصواب. وكذلك انته عن شتم الكريم شتم اللئيم، لم يحسن إلا على إضمار: وأت شتم اللئيم، ولو أضمرت كان لم يصح.
قال السيرافي:((وأيضاً فإنه ليس فيه دليل على أنه إذا نهاه عن شيء أو أمره به أنه يُدخله في أمر آخر، فينقله إليه كما يكون ذلك في تقدير الخليل؛ لأنه يأمره بالتزام شيء على طريق التوكيد والتثبيت، مع أن إضمار كان إنما ينبغي حيث يكون هناك حرف يطلب بالفصل، نحو: إن خيراً فخير)) انتهى.
ورد الفراء على الكسائي بأنه لو صح تقديره لجاز أن يقال: انته أخانا، على تقدير: تكن أخانا. وذهب الفراء إلى أن خيراً منصوب باتصاله بالأمر لأنه من صفات الأمر. وصرح يعضهم عنه بأن انتصابه على أن صفة لمصدر محذوف، تقديره: انتهاءً خيراً لكم. قال الفراء: ((ويستدل على ذلك أنك ترى