حَدِيثِ الْأَذَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَدَعَا بِإِنَاءٍ فَأَكْفَأَ مِنْهَا عَلَى يَدَيْهِ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ مِنْهَا وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْ مِنَ الْمَطْهَرَةِ أَوِ الْإِدَاوَةِ وَقَوْلُهُ أَكْفَأَ هُوَ بِالْهَمْزِ أَيْ أَمَالَ وَصَبَّ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَقْدِيمِ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ غَمْسِهِمَا فِي الْإِنَاءِ قَوْلُهُ (فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا) وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ غَرَفَاتٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَكُونَ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَقَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْخِلَافَ فِيهَا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ فِيهِ حُجَّةٌ لِلْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الاستنثار غير الاستنشاق خلافا لما قاله بن الاعرابي وبن قُتَيْبَةَ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الباب الاول ايضاحه وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا) هَكَذَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَدْخَلَ يَدَهُ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ وَكَذَا فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فَاغْتَرَفَ بِهِمَا فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ بن عَبَّاسٍ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا أضافتها إِلَى يَدِهِ الْأُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاءِ جَمِيعًا فَأَخَذَ بِهِمَا حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى وَجْهِهِ فَهَذِهِ أَحَادِيثُ فِي بَعْضِهَا يَدَهُ وَفِي بَعْضِهَا يَدَيْهِ وَفِي بَعْضِهَا يَدَهُ وَضَمَّ إِلَيْهَا الْأُخْرَى فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى جَوَازِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ الْجَمِيعَ سُنَّةٌ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَرَّاتٍ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْهَا وَالْمَشْهُورَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْمُزَنِيِّ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَخْذُ الْمَاءِ لِلْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا لِكَوْنِهِ أَسْهَلَ وَأَقْرَبَ إِلَى الْإِسْبَاغِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ فِي غَسْلِ وَجْهِهِ بِأَعْلَاهُ لِكَوْنِهِ أَشْرَفَ ولأنه أقرب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute