لِخُرُوجِ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ مِنْ أَصْلِهَا قُلْتُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَنْهَارَ تَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا ثُمَّ تَسِيرُ حَيْثُ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى تَخْرُجَ مِنَ الْأَرْضِ وَتَسِيرَ فِيهَا وَهَذَا لَا يَمْنَعُهُ عَقْلٌ وَلَا شَرْعٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُرَاتَ بِالتَّاءِ الْمَمْدُودَةِ فِي الْخَطِّ فِي حَالَتَيِ الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مَشْهُورًا فَنَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِكَوْنِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَهُ بِالْهَاءِ وَهُوَ خَطَأٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يَدْخُلهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرُ مَا عَلَيْهِمْ) قَالَ صَاحِبُ مَطَالِعِ الْأَنْوَارِ رُوِّينَاهُ آخِرُ مَا عَلَيْهِمْ بِرَفْعِ الرَّاءِ وَنَصْبِهَا فَالنَّصْبُ عَلَى الظَّرْفِ وَالرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ آخِرُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ دُخُولِهِ قَالَ وَالرَّفْعُ أَوْجَهُ وَفِي هَذَا أَعْظَمُ دَلِيلٍ عَلَى كَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا خَمْرٌ وَالْآخَرُ لَبَنٌ فَعُرِضَا عَلَيَّ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ فَقِيلَ أَصَبْتَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ أُمَّتَكَ عَلَى الْفِطْرَةِ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَالَّذِي يُزَادُ هُنَا مَعْنَى أَصَبْتَ أَيْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْفِطْرَةِ وَمَعْنَى أَصَابَ اللَّهُ بِكَ أَيْ أَرَادَ بِكَ الْفِطْرَةَ وَالْخَيْرَ وَالْفَضْلَ وَقَدْ جَاءَ أَصَابَ بِمَعْنَى أَرَادَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أصاب أَيْ حَيْثُ أَرَادَ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ كَذَا نَقَلَ الْوَاحِدِيُّ اتِّفَاقَ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أُمَّتُكَ عَلَى الْفِطْرَةِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ لَكَ وَقَدْ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ فَهُمْ يَكُونُونَ عَلَيْهَا وَاللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute