اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُنَّ آكَدُ مِنْ حُرْمَةِ الْآبَاءِ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهُ السَّائِلُ مَنْ أَبَرُّ قَالَ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ أَبَاكَ وَلِأَنَّ أَكْثَرَ الْعُقُوقِ يَقَعُ لِلْأُمَّهَاتِ وَيَطْمَعُ الْأَوْلَادُ فِيهِنَّ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حَقِيقَةِ الْعُقُوقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَأَمَّا وَأْدُ الْبَنَاتِ بِالْهَمْزِ فَهُوَ دَفْنُهُنَّ فِي حَيَاتِهِنَّ فَيَمُتْنَ تَحْتَ التُّرَابِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُوبِقَاتِ لِأَنَّهُ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَتَضَمَّنُ أَيْضًا قَطِيعَةَ الرَّحِمِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْبَنَاتِ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ الَّذِي كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمَنْعًا وَهَاتِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلَا وَهَاتِ فَهُوَ بِكَسْرِ التَّاءِ مِنْ هَاتِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَمْنَعَ الرَّجُلُ مَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ مِنَ الْحُقُوقِ أو يطلب مالا يَسْتَحِقُّهُ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ ثَلَاثًا وَكَرِهَ ثَلَاثًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[٥٩٣] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ ثَلَاثًا وَنَهَى عَنْ ثَلَاثٍ حَرَّمَ عُقُوقَ الْوَالِدِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَلَا وَهَاتِ وَنَهَى عَنْ ثَلَاثٍ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ) هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ إِنَّ النَّهْيَ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ خَرَجَ بِدَلِيلٍ آخَرَ وقَوْلُهُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ (عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنِ بن أَشْوَعَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute