فرأى صاحب التعليق تدوين ما حضره من خواطر بلمحات تدل الأريب، ولا يحار في توسّعها الرأي المصيب، تفادياً من التطويل، وإبقاء على الناظر صاحب الرأي الأصيل. وكانت طريقته في النظر الفسيح اجتناب تكرار التعاليق التي دوّنها في كشفه، ووضع الأحاديث والتعليقات مواضعها فيما تكرر وروده من ذلك في كتاب الجامع.
فهو يتولّى الحديث بالشرح والتحرير في الباب الذي تتضمَّنُ معناه ترجمتُه، أو فيما هو مَظِنة لذكره فيه. ولا ينسى في آخر ديباجة الكتاب تقدير ما وقف عليه من الفوائد في كتاب المشارق لعياض وتضمين قدر منها في تقريراته. ثم هو بحكم تتبعه لكتب الجامع وأبوابه يجري على نسقه ولا يخالف ترتيبه. ويذكر ما يعنّ له من المسائل في محالها منه.
وإذا كانت جملة أحاديث البخاري قد بلغت نحواً من ٢٧٦١ من الأحاديث الموصولة من غير المكررات والشواهد، فإن النظر الفسيح قد توقّف فيه المؤلف عند ستة وعشرين وأربعمائة موضع. اخترنا منها، للتعرّف على إفادته وتحريراته وضبطه وتقريراته، عشرة مواضع اعتبرناها كفيلة بتصوير طريقته. وقد وردت هذه المسائل في أحاديث عرضت فيها أو دلت عليها الموضوعات التي أراد الشيخ الوقوف عندها:
* الأول: المقدمة التي وضعها المؤلف بين يدي كتاب التفسير.
* الثاني: من كتاب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* الثالث: من باب كتابة الإمام للناس من كتاب الجهاد والسير.