ومسائله. ولئن كان الكشف تعليقات وإفادات بعد مراجعات وتحقيقات لموطأ الإمام مالك، فإن الثاني مثله تعليقات وإفادات هي نتيجة لمراجعات وتحقيقات قام بها المؤلف في كتاب الجامع الصحيح للإمام البخاري.
وهذان الكتابان، الموطأ والجامع الصحيح، أكثر كتب السنة انتشاراً، وخاصة في البلاد المغربية بين الشيوخ والطلاب بجامع الزيتونة، وبين الفقهاء والمتعلمين بجامع القرويين.
والأول منهما فيه، مع ما دوّن به من أحاديث صحيحة: فقهٌ وأحكام وفتاوى. فهو الأصل الذي تخرّج عليه المالكية في مختلف الديار، بجانب ما يروونه من مسائل تضمّنتها المدوّنة المروية عن ابن القاسم عن الإمام مالك.
والثاني: هو أهم كتب الصحاح، وأولها بين المحدّثين تكوّنت به كما تكوّنت بنظيره مدرسة علمية معروفة المعالم، ملموسة النتائج. وفي تمهيده أو خطبته بعد حمد الله مستحِق الحمد ووليَّه، جماعُ ما أراد المؤلف الإشارة إليه بطريقة موجزة وملهمة. وتلك هي خاصية الكتابين.
عرّف الإمام فيها بصحيح البخاري مشيداً ومنوّهاً، واصفاً عناية علماء المسلمين به بقوله: "وقد انصرفَتْ عناية علمائنا إلى إيضاح معانيه، ومتابعة أغراضه، انصرافاً لا يعرف له نظير فيما صرفوا إليه الهمة من غيره حتى أغنوا الناظر، وشرحوا الخاطر، وعقدوا للعلم الأواصر. ولم يكن ما وضعه الإمام الأكبر بتأليفه هذا بقصد المسابقة أو المعارضة للشراح المتقدّمين، ولكنها آراء تخطر وملاحظات تظهر، وهو ماضٍ في رواية الصحيح، فتستوقف طَرَف الطَّرْف، وتستحث بياناً لذلك الحرف.