للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونريد بالمباح هنا المأذون فيه ولو بالعموم فيدخل المكروه. ومن تناول المباح الاحتراف بأنواع الحرف المباحة، والنزول بالمَوَاطن المأذون في نزولها، وتناول ما أبيح للناس من الماء والكلأ، والتصرف في المكاسب بالوجوه المباحة، واختيار المطاعم والملابس والمساكن، وتناول الشهوات المأذون فيها. ولذلك كان تصرف الزوجة في مالها غير موقوف على رضي زوجها على اختلاف في مقدار ذلك (١).

وأما الحرية الكائنة في عمل المرء المتعلّق بعمل غيره فالأصل فيها أنها مأذون فيها، إذا لم تكن تضر بغيره. (وهذا المقام يتحقّق فيه معنى الجمع بين فرعين من مقاصد الشريعة: وهما حرية العمل الذي لا يتجاوز عاملَه، وحرية العمل الذي يؤثر في عمل غيره تأثيراً لا إضرار فيه. والإضرار يتحقّق بتعطيل حقًّ مأذونٍ فيه لمستحقه، أو إتلاف ذلك


(١) للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله بالتبرع والمعاوضة. وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المشهور من روايته. ابن قدامة. المغني: (٢) ٤/ ٥١٣ - ٥١٤.
والأصل في هذا حديث جابر: "يا معشر النساء تصدقن ... فجعلن يتصدقن من حُلَّيهنَّ يُلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن". ابن دقيق العيد. إحكام الأحكام: ٢/ ١٢٩ - ١٣٠، وحديث زينب امرأة عبد الله قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن". انظر ١٢ كتاب الزكاة، ١٤ باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين وإن كانوا مشركين، ح ٤٥، ٤٦. مَ: ٢/ ٦٩٤. وذهب المالكية إلى أن المرأة إذا تزوجت يحجر زوجها عليها في تبرع يزيد على ثلث مالها. فإن تبرعت بزائد مضى تبرعها حتى يرده الزوج، وإن لم يعلم به حتى تأيّمت أو مات أحدهما مضى تبرعها. الدردير. الشرح الصغير بحاشية الصاوي: ٣/ ٤٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>