للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: أنه قد تعذَّر جعلُه أصلاً في تشريع خيار المجلس، لخلوِّه عن تحديد مقدار المجلس، وعدم وجود عمل في شأنه يفسّره. فإن المجلس لا ينضبط، وقد يكونان في سفينة أو في شُقْدُف (١).

ولأجل هذا نجدهم في تعليل القياس يوجهون أنظارهم إلى التعليل بالأوصاف الظاهرة المنضبطة، مع أنهم يصرحون بأن تلك الأوصاف يحصل من وجودها معنى هو المسمَّى بالحِكمة أو المصلحة أو درء المفسدة. ولقد تنزَّهتِ الشريعةُ عن أن لا تكون أحكامُها منوطة بالانضباط، فإن من صفات حُكم الجاهلية الذي حذّر الله منه بقوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (٢) عَدَم الانضباط، إذ كانت أمورُهم تجري على خواطر تعرض عند وقوع الحوادث.

كما كان حكمُ الطلاق والرجعة غير ذي نهاية، وذلك ما جاء القرآن بإنكاره في قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (٣).

وكذلك قسمة مال الميت. قال القاضي إسماعيل بن إسحاق (٤): "لم يكن أهل الجاهلية يعطون الزوجة مثل ما نعطيها،


(١) جمعه شقادف. مركب أكبر من الهودج يستعمله العرب، ويركبه الحجاج إلى بيت الله الحرام. الوسيط.
(٢) المائدة: ٥٠.
(٣) البقرة: ٢٣١.
(٤) هو الجهضمي الأزدي أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي ٢٠٠ هـ بالبصرة - ٢٨٢ هـ ببغداد. فقيه مالكي جليل التصانيف، معدود في طبقات القراء وأئمة اللغة. من بيت مشهور بالعلم والفضل والعدالة والجلالة. انتشر به مذهب مالك بالعراق، وعن أفراده وأعلامه أخذ. وقد تخرج بالفقيه أبي إسحاق إسماعيل كثير من أهل العراق. له: الموطأ، وأحكام القرآن، والمبسوط، ومختصره، وكتاب في الفرائض، =

<<  <  ج: ص:  >  >>