للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناء على عدم وجوب المعروف وهو قولنا، ولكن لمَّا اتخذ حيلة إلى منع الكَلَأ الذي حوله لأن الرعاة لا يرعون مكاناً لا ماء فيه لسقي ماشيتهم، صار منع الماء منهياً عنه.

وكذلك القول في إبطال الحيلة اللفظية في الأيمان التي تقطع بها الحقوق فكانت الأيمان على نية المستحلِف.

فإذا تقرَّرت هذه الأنواع لدى من يستعرضها بفهم ثاقب، ويجعل المكابرة ظهرياً، يوقن بأن ما يجلب لصحة التحيل الشرعي من الأدلة إنما هي أدلة غير متبصر بها ولا يعسر عليه بعد هذا تنزيلها منازلها وإبداء الفروق بينها.

فأما ما كان منها وارداً في آثار شريعتنا فمخارجه ظاهرة، مثل الأعمال التي جعلت لها صور غير جارية على أحكام نظائرها المقررة، إما لوقوعها في مبدأ التشريع فرخص فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثل ما روي في الموطأ (١) وصحيح مسلم (٢) أنه لما أُبطل التبني وكان سالم مولى أبي حذيفة مُتبنًى لأبي حذيفة، فجاءت سَهلة بنت سُهيل زوج أبي حُذيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن سالماً يدخل علينا وأنا فضل، وليس لنا إلَّا بيت واحد، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرضِعيه


= الاحتيال في البيوع، ولا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ، حديث أبي هريرة خَ: ٨/ ٦١؛ انظر ١٧ كتاب البيوع، ٦٢ باب في منع الماء، ٣٤٧٣. دَ ٣/ ٧٤٧ - ٧٤٩؛ انظر ١٢ كتاب البيوع، ٤٤ باب ما جاء في بيع فضل الماء، ١٢٧٢. تَ: ٣/ ٥٧٢؛ انظر ١٦ كتاب الرهون، ١٩ باب النهي عن منع فضل الماء ليمنع به الكلأ، ٢٤٧٨، ٢٤٧٩. جَه: ٢/ ٨٢٨؛ انظر ٣٦ كتاب الأقضية، ٢٥ باب القضاء في المياه، ٢٩. طَ: ٢/ ٧٤٤.
(١) و (٢) تقدم التخريج: ٢/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>