ومثل من له نصاب زكاة أشرف أن يمر عليه الحول في آخر شهر ذي الحجة فأوجب على نفسه حجاً أنفق فيه ذلك فصادفه الحول وقد أنفق ذلك المال. وهذا النوع على الجملة جائز لأنه ما انتقل من حكم إلا إلى حكم، وما فوّت مقصداً إلا وقد حصّل مقصداً آخر، بقطع النظر عن تفاوت الأمثلة.
النوع الثالث تحيل على تعطيل أمر مشروع على وجه يسلك به أمراً مشروعاً هو أخف عليه من المنتقل منه.
مثل لبس الخف لإسقاط غسل الرجلين في الوضوء، فهو ينتقل إلى المسح. فقد جعل لبس الخف في سببيته وهو المسح، ولم يستعمله في مانعيته.
ومثل من أنشأ سفراً في رمضان لشدّة الصيام عليه في حر أو مدة انحراف خفيف منتقلاً منه إلى قضائه في وقت أرفق به. وهذا مقام الترخّص إذا لحقته مشقة من الحكم المنتقل منه. وهو أقوى من الرخصة المفضية إلى إسقاط الحكم من أصله.
النوع الرابع تحيل في أعمال ليست مشتملة على معان عظيمة مقصودة للشارع. وفي التحيل فيها تحقيق لمماثل مقصد الشارع من تلك الأعمال.
مثل التحيل في الأيمان التي لا يتعلق بها حق الغير، كمن حلف أن لا يدخل الدار أو لا يلبس الثوب فإن البرّ في يمينه هو الحكم الشرعي، والمقصد المشتمل عليه البر هو تعظيم اسم الله تعالى الذي جعله شاهداً عليه ليعمل ذلك العمل. فإذا ثقل عليه البر فتحيل للتفصي من يمينه بوجه يشبه البر، فقد حصل مقصود الشارع من تهيب اسم الله تعالى.