للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (١).

وقد قرر الإسلام من أنكحة الجاهلية النكاح المعروف وأبطل البغاء والاستبضاع والسفاح (٢).

والتقرير لا يحتاج إلى القول. فقد علمت أن الاحتياج إلى القول فيه لا يكون إلَّا عن سبب دعا إلى القول من إبطال وهم، أو جواب سؤال، أو تحريض على التناول. وفيما عدا تلك الأسباب ونحوها يعتبر سكوت الشارع تقريراً لما عليه الناس. فلذلك كانت الإباحة أكثر أحكام الشريعة لأن أنواع متعلقاتها لا تنحصر. وقد تواتر هذا المعنى تواتراً من أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وتصرّفاته. ويشهد له ويعضده الحديث الذي رواه الدارقطني وغيره عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيّعوها، وحدّ حدوداً فلا تعتدوها، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها" (٣)، ولأجل هذا كره


= حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده، ١٩٤، ١٩٥، ١٩٦. مَ: ١/ ١١٣ - ١١٤.
(١) المائدة: ٥.
(٢) وبيان ذلك في حديث عائشة. انظر ٦٧ كتاب النكاح، ٣٦ باب من قال لا نكاح إلا بولي، ح ١. خَ: ٦/ ١٣٢؛ انظر ٧ كتاب الطلاق، ٣٣ باب وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية، ح ٢٢٧٢. دَ: ٢/ ٣٠٢ - ٣٠٣. وفي نيل الأوطار: باب ذكر أنكحة الكفار وإقرارهم عليها. فقد أحل رسول الله النكاح المعروف المشروع، وحرم ما سوى ذلك من الأنكحة كالاستبضاع، ونكاح الرهط ما دون العشرة، وتلحق المرأة الولد بمن أحبت، ونكاح البغايا وإلحاق الولد بواحد من الزناة بالقافة. الشوكاني: ٦/ ٣٠٠.
(٣) تقدم: ٢٧٠/ ٢، ٢٧٧/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>