فتلك حاصلة من العلم بأصل المساواة بين الخاضعين لحكومة واحدة فلا يحتاج إلى التعليل. وإنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله ذلك تنبيهاً على أن ذلك الأصل مقرر ثابت. ومن موانع المساواة ما ليس في الحقيقة بمانع، ولكنه حال تعذرت فيها أسباب المساواة مثل امتناع مساواة أحد من الأمة في فضيلة أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لفوات المزية وهي مزية رؤية نور الرسول مع الإيمان به.
ثم إن العوارض المانعة من المساواة في بعض الأحكام أقسام أربعة: جبلية، وشرعية، واجتماعية، وسياسية. وكلها قد تكون دائمة أو مؤقتة، طويلة أو قصيرة.
فالجبلية والشرعية والاجتماعية تتعلق بالأخلاق، واحترام حق الغير، وبانتظام الجامعة على أحسن وجه.
والسياسية تتعلق بحفظ الحكومة الإسلامية من وصول الوهن إليها.
فالموانع الجبلية الدائمة: كمنع مساواة المرأة للرجل فيما تقصر فيه عنه بموجب أصل الخلقة، مثل إمارة الجيش والخلافة عند جميع العلماء (١)، ومثل القضاء في قول جمهور من علماء
(١) ذلك أن الذكورة شرط أساسي في الولايات العامة فلا يجوز أن يتولاها النساء. ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يفلح قوم وَلَّوا أَمرهم امرأة". انظر ٦٤ كتاب المغازي، ٨٢ باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر، ح ٢. خَ: ٥/ ١٣٦؛ ٩٢ كتاب الفتن، ١٨ باب، ح ١. خَ: ٨/ ٩٧؛ انظر ٣٤ كتاب الفتن، ٧٥ باب، ح ٢٢٦٢. تَ: ٤/ ٥٢٧ - ٥٢٨؛ انظر ٤٩ كتاب القضاة، ٨ باب النهي عن استعمال النساء في الحكم. نَ: ٨/ ٢٢٧؛ حَم: ٥/ ٣٨، ٤٣، ٥٠، ٥١؛ الماوردي. الأحكام السلطانية: ٦٧.