للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم ذي قار (١) ويوم حليمة (٢)، لأنها حوادث نادرة. على أن العرب كانوا فيها يقاتلون انتصاراً لغيرهم من الفرس أو الروم فإحنهم معهم محجوبة بإحن من قاتلوا هم وراءهم.

ومن أعظم ما يقتضيه عموم الشريعة أن تكون أحكامها سواءً لسائر الأمم المتبعين لها بقدر الاستطاعة، لأن التماثل في إجراء الأحكام والقوانين عون على حصول الوحدة الاجتماعية في الأمة.

ولهذه الحِكمة والخصوصية جعل الله هذه الشريعة مبنيةً على اعتبار الحِكم والعلل التي هي من مُدركات العقول لا تختلف باختلاف الأمم والعوائد. وقد أجمع علماء الإسلام في سائر العصور، إلّا الذين لا يُعتدُّ بمخالفتهم، على أن علماء الأمة مأمورون بالاعتبار في أحكام الشريعة، والاستنباط منها. وجعلوا من أدلة ذلك قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٣)، وقوله: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي


(١) ويوم ذي قار، هو يوم الحنو، ويوم قُراقر، ويوم الجبايات، ويوم ذات العَجرم، ويوم بطحاء ذي قار. وقد كانت هذه الوقعة بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - بين العرب والفرس. وقد قال يخبر أصحابه: "اليوم أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا". ابن سعد. الطبقات: ٧/ ٧٧؛ البخاري. التاريخ الكبير: ٢/ ١٠٦، ٨/ ٣١٣. ابن عبد ربه. العقد الفريد: ٥/ ٢٦٢؛ ابن حجر. الإصابة: ١/ ١٦٤. والحديث مرويٌّ بإسنادين ضعيفين، أحدهما فيه الأشهب الضبعي مجهول العين، والآخر فيه الكلبي متهم بالكذب. والخبر عنه طويل. انظر أيام العرب في الجاهلية: ٦ - ٣٩.
(٢) يوم الوقعة بين المنذر بن ماء السماء وبين الحارث الأكبر الغساني. وسمي يوم حليمة في رواية الكلبي، لأن حليمة بنت الحارث بن أبي شمْر وجّه أبوها جيشاً إلى المنذر فأخرجت لهم مِركَنا فطيبّتهم. اللسان، القَاسم بن سلام، كتاب الأمثال: ٩٢، ٢٠٦.
(٣) التغابن: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>