للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَتْبَعُها أدلة من قبيل الإيماء جاءت دالة على أن صلاح الحال في هذا العالم منة كبرى يَمُنُّ الله بها على الصالحين من عباده جزاء لهم. قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} (١). وقال مخاطباً المسلمين: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (٢). وقال في معرض الوعد: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (٣). وامتن على بني إسرائيل بالإنقاذ من الأسر الدنيوي بقوله: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} (٤). فلولا أن صلاح هذا العالم مقصود للشارع ما امتن به على الصالحين من عباده.

ولقد علمنا أن الشارع ما أراد من الإصلاح المنوّه به مجرد صلاح العقيدة وصلاح العمل كما قد يتوهم، بل أراد منه صلاح أحوال الناس وشؤونهم في الحياة الاجتماعية.

فإنّ قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} (٥) أنبأنا بأن الفساد المحذّر منه هنالك هو إفساد موجودات هذا العالم، وأن الذي أوجد هذا العالم وأوجد فيه قانون بقائه لا يظن فعله ذلك عبثاً. وهو يقول: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ


(١) الأنبياء: ١٠٥ - ١٠٦.
(٢) النور: ٥٥.
(٣) النحل: ٩٧.
(٤) المائدة: ٢٠.
(٥) البقرة: ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>