للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوحدانية وإبطال الشرك فأقم وجهك. أي توجَّه لدين الإسلام الذي هو الفطرة. فالتعريف في {الدِّينُ} تعريف العهد، وهو ما عهده الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما أنزل عليه من العقائد والشريعة كلِّها. كما قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (١).

فالفطرة في هذه الآية مراد بها جملة الدين بعقائده وشرائعه. وبذلك فسر ابن عطية والزمخشري. قال ابن عطيّة: "والذي يعتمد عليه في تفسير هذه اللفظة (الفطرة) أنها الخلقة والهيئة التي في نفس الطفل التي هي معدّة ومهيّئة لأن يميز بها [مصنوعات] الله تعالى ويستدلّ بها على ربّه ويعرف شرائعه [ويؤمن به] " (٢). وقال الزمخشري في الكشاف: "والمعنى أنه خلقهم قابلين للتوحيد ودين الإسلام" (٣).

فبنا (٤) أن نبيّن معنى كون الإسلام الفطرة إذ هو معنى لم أَرَ من أتقن الإفصاح عنه:

الفطرة: الخلقة، أي النظام الذي أوجده الله في كل مخلوق ففطرة الإنسان هي ما فطر، أي خُلق عليه الإنسان ظاهراً وباطناً، أي: جسداً وعقلاً. فمشي الإنسان برجليه فطرة جسدية، فمحاولة أن يتناول الأشياء برجليه خلاف الفطرة. واستنتاج المسبّبات من أسبابها والنتائج من مقدّماتها فطرة عقليّة، فاستنتاج الشيء من غير سببه


(١) الشورى: ١٣.
(٢) ابن عطية. المحرر الوجيز: ١٢/ ٢٥٨.
(٣) الزمخشري. الكشاف: ٣/ ٢٢٢.
(٤) تقدم معناها: ٩٦/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>