للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "إنما بعثتم ميسِّرين" (١).

فمثل هذا الاستقراء يخول للباحث عن مقاصد الشريعة أن يقول: إن [من] مقاصد الشريعة: التيسير، لأن الأدلة المستقراة في ذلك كله عمومات متكررة، وكلها قطعية النسبة إلى الشارع، لأنها من القرآن، وهو قطعي المتن.

ومثال المقاصد الظنية القريبة من القطعي ما قال الشاطبي في المسألة الثانية من الطرف الأول من كتاب الأدلة: "الدليل الظني إما أن يرجع إلى أصل قطعي ... مثل قول النبي عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر ولا ضرار" (٢)، فإنه داخل تحت أصل قطعي في هذا المعنى، فإن الضرر والضرار مبثوث منعه في الشريعة كلها، في وقائع جزئيات، وقواعد كليات، كقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (٣)، وقوله: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} (٤)، وقوله: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} (٥).


= انظر ٣٢ كتاب الجهاد، ٣ باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير. مَ: ٢/ ١٣٥٨؛ ٣٦ كتاب الأشربة، ٧ باب بيان أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام، ح ٧٠، ٧١. مَ: ٢/ ١٥٨٦ - ١٥٨٧.
(١) حديث أبي هريرة. انظر ٧٨ كتاب الأدب، ٨٠ باب يسروا ولا تعسروا. ذيل الحديث الخامس. خَ: ٧/ ١٠٢.
(٢) انظر: ٢/ ٢٤.
(٣) البقرة: ٢٣١.
(٤) الطلاق: ٦.
(٥) البقرة: ٢٣٣. والفرق بين التمثيل بالتيسير للقطعي وبرفع الضرر للظني أن أدلة الأول قطعية، ودليل الثاني ظني وافق أدلة قطعيّة. ولا التفات في هذا إلى تقارب المعنى أو الغرض التشريعي في المثالين. فلينتبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>