للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصل له القطع بقواعد الأصول. ومتى قصر عن ذلك، لا يحصل له إلّا الظن. وإنما وضع العلماء هذه الظواهر في كتبهم ليبيّنوا أصل المدرك لا [أنها] مدرك القطع، فلا تنافي بين كون هذه المسائل قطعية وبين كون هذه النصوص لا تفيد إلّا الظن" (١) اهـ.

وأبو إسحاق الشاطبي حاول في المقدمة الأولى من كتابه عنوان التعريف طريقةً أخرى لإثبات كون أصول الفقه قطعية. وهي طريقة لا يوصل منها إلّا قوله: "الدليل على ذلك أنها راجعة إلى كليات الشريعة، وما كان كذلك فهو قطعي (أي: لو تحققنا رجوع شيء معين إلى تلك الكليات). وأعني بالكليات: الضروريات والحاجيات والتحسينيات" (٢).

ثم ذهب يستدل على ذلك بمقدمات خطابية وسفسطائية، أكثرُها مدخول ومخلوط غير منخول.

وقد تقدمت الإشارةُ إلى كلامهم في صدر هذا الكتاب. وذلك حاصلُ ما لسلفنا في هذا الغرض (٣). وإنما قصدت منه التنوّرَ بأضواء أفهامهم، لتعلم إمكان استخلاص قواعد تحصل بالقطع أو بالظن القريب من القطع ولو كانت قليلة.

على أننا غير ملتزمين للقطع وما يقرب منه في التشريع، إذ هو منوط بالظن. وإنما أردت أن تكون ثُلةٌ من القواعد القطعية ملجأً نلجأ إليه عند الاختلاف والمكابرة، وأن ما يحصل من تلك القواعد


(١) تقدم في ٢٠/ ١.
(٢) صدر المقدمة الأولى. الموافقات: (١) ١/ ٩ = (٢) ١/ ١٠ - ١١ = (٣) ١/ ٢٩ - ٣٠ = (٤) ٢/ ١٧.
(٣) انظر أعلاه: ٩ - ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>