للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلامُ مَخرج التهويل لمن يسيء إلى جاره، حتى يخشى أن لا يكون من المؤمنين. والمراد نفي الإيمان الكامل.

١٢ - وأما حال التجرد عن الإرشاد فذلك ما يتعلق بغير ما فيه التشريع والتدين وتهذيب النفوس وانتظام الجماعة. ولكنه أمر يرجع إلى العمل في الجبلة وفي دواعي الحياة المادية. وأمره لا يشتبه. فإن رسول الله يعمل في شؤونه البيتية ومعاشه الحيوي أعمالاً لا قصد منها إلى تشريع ولا طلب متابعة.

وقد تقرّر في أصول الفقه أنّ ما كان جبلِّياً من أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكون موضوعاً لمطالبة الأمة بفعل مثله، بل لكل أحد أن يسلك ما يليق بحاله (١). وهذا كصفات الطعام واللباس والاضطجاع والمشي والركوب ونحو ذلك، سواء كان ذلك خارجاً عن الأعمال الشرعية كالمشي في الطريق والركوب في السفر، أم كان داخلاً في الأمور الدينية كالركوب على الناقة في الحج (٢). ومثل الهُوِيّ باليدين قبلَ الرجلين في السجود عند من رأى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهوى بيديه قبل رجليه حين أسَنَّ وبدَن، وهو قول أبي حنيفة (٣).


(١) تقدمت الإشارة إلى ذلك: ٩٨/ ١.
(٢) تقدمت الإشارة إلى ذلك: ٩٨/ ٢.
(٣) المذاهب في الهوي باليدين قبل الركبتين في السجود مختلفة. ودليل تقديم الركبتين حديث وائل بن حُجر. قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه". وفي الباب مثله عن أنس: "أنه - صلى الله عليه وسلم - انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه". وإلى هذا ذهب الجمهور. وحكاه القاضي أبو الطيب عن عامة الفقهاء، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب والنخعي ومسلم بن يسار وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، وبه قال الشافعي. الشوكاني. نيل الأوطار، باب هيئات السجود وكيف الهوي إليه: ٢/ ٢٨١. =

<<  <  ج: ص:  >  >>