القواعد العارف بها من انتزاع الفروع منها، أو من انتزاع أوصاف تؤذن بها تلك الألفاظ، يمكن أن تجعل تلك الأوصاف باعثاً على التشريع، كما تمكن تلك القواعد المتضلع فيها من تأييد فروع انتزعها الفقهاء بواسطة تلك القواعد مقبولة في نفوس المزاولين لها من مقلدي المذاهب.
وتولى بعد هذا بيان موضوعاتها بقوله: وقصارى ذلك أنها تؤول إلى محامل ألفاظ الشارع في انفرادها واجتماعها وافتراقها حتى يقربَ فهم المتضلع فيها من أفهام أصحاب اللسان العربى القح كمسائل مقتضيات الألفاظ وفروقها من عموم وإطلاق، ونص، وظهور وحقيقة واطراد، وكمسائل تعارض الأدلة الشرعية من تخصيص وتعيين وتأويل وجمع وترجيح. وقد قصروا مباحثها على ألفاظ الشريعة، على المعاني التي أنبأت عليها الألفاظ، وهي علل الأحكام القياسية. وقد نفى المؤلف في غضون هذه المقالة بيان الحكمة أو القصد. وذلك قوله: فهي في تصاريف مباحثها بمعزل عن بيان حكمة الشريعة وعن مقاصدها العامة والخاصة في أحكامها.
وقد ضمّ العز بن عبد السلام في كتابه القواعد الكبرى المقاصد إلى القواعد، كما أنه لم يتعرض إلى القواعد الفقهية خاصة. فهي عنده لم تبلغ العشرين. وقد جعل منها: قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد، وقاعدة تعذر العدالة في الولايات، وقاعدة الحقوق الخالصة والمركبة، وقاعدة حقائق التصرفات، وقاعدة ما يوجب الضمان والقصاص، وقاعدة اختلاف التصرفات لاختلاف المصالح. وهو فيما يبدو قد جعل كتابه قائماً على بيان القواعد المتعلقة بالمصالح والمفاسد وما يتصل بها، متوسعاً في ذلك، معلناً عنه في مقدمة كتابه القواعد. وهو بذلك مخالف لما سار عليه الدبوسي في