الحقوق إلى أصحابها على نحو ما رسمته الشريعة تأصيلاً وتفريعاً، هم القضاة وأهل الشورى وأعوانهم وما تتألف منه طرق أقضيتهم من بيّنات ورسوم. وقول عمر بن الخطاب في هذا هو الفصل: فاقض إذا فهمت وأنفذ إذا قضيت.
أما العقوبات فإن التحقق من إقامتها على الجناة على قواعد معلومة يؤيس أهل الدعارة من الإقدام على إرضاء شهواتهم بارتكاب الجنايات. والزواجر والعقوبات والحدود لم تشرع إلا من أجل إصلاح حال الناس. وأكبر مقاصد الشريعة هو حفظ نظام الأمة والتوصل بالعقاب إلى تأديب الجاني وإرضاء المجني عليه وزجر المعتدي.
ونحن بعد أن استعرضنا أكثر ما ورد بكتاب مقاصد الشريعة من الموضوعات تاركين ما اختصرناه من ذلك إلى همة الدَارس والمُطالع للكتاب مثل قضية الذرائع والتحيل والوازع بأنواعه وصور تحكيمه نؤكد على جملة مما ورد من مسائل في التمهيد وفي الأقسام الثلاثة من الكتاب، مبدين بذلك كمال التنسيق بين أغراضه، وحُسن الترتيب لموضوعاته، ومشيرين إلى ظواهر مميزة لطريق الإمام الأكبر في معالجته لمسائله.
وهي أولاً كثرة الأمثلة والفروع التي خصصناها بجدول جامع تقديراً لأهميتها ولربطه فيها بين الأحكام والأدلة والمقاصد. وثانياً ما أظهره من عناية بالقواعد والمقاصد.
وقضية المقاصد عرضت لنا في موضعين الأول عند ذكر المؤلف سبقها في الوجود لحكم أصول الفقه، وبيانه مدى استعانة الفقهاء بها، والخلوص منها إلى الأحكام. وذلك قوله: تُمَكّن