وربما عقّب هذا البيان بذكر قواعد يتعين الانتباه إليها مثل أن قضايا الأعيان وأخبار الآحاد إذا خالفت القواعد أو الكليات، أو خالفت القياس أو عملَ أهل المدينة تصبح مختلفاً في حجيّتها على مذاهب معروفة في أصول الفقه. وأن علة الصلوحية للعمل بالشريعة أن لا يكون في اتباعها والالتزام بها هلاك أو عنت. وأن من مقاصد الشريعة تجنُّب التفريع في وقت التشريع.
ويذكر من مقاصد الشريعة المساواة، ويعتبرها أصلاً في التشريع. والمساواة في التشريع للأمة ناظرة إلى تساوي أفرادها في الخلقة وفروعها. فالناس سواء في البشرية وفي حقوق الحياة، وهم متساوون في أصول التشريع كحفظ النفس وحفظ النسب وحفظ المال، وحقّ القرار في الأرض لمن نشأ فيها أو استوطنها، وفي أسباب البقاء على حالة نافعة، ويكون التساوي بين الناس في الضروري والحاجي. وإلى جانب ذلك لا بد من الانتباه إلى عوارض المساواة وهي الموانع بأنواعها الجبلية والشرعية والاجتماعية والسياسية التي تحول دونها. وإنما يكون لتلك العوارض آثارُها في تقرير المساواة إذا كان في إلغاء حكم المساواة ظهورُ مصلحة راجحة أو اقتضى إجراء المساواة ظهورَ مفسدة.
وهو بعد ذلك ينفي عن الشريعة اشتمال أحكامها على النكاية، كما يلحق بهذه الأوصاف مقاصد تشريعية كاختلاف أحكامها من تغيير وتقرير، ونوط تلك الأحكام بمعان وأوصاف لا بأسماء وأشكال، ومن مقاصد الشريعة الحرية، فإن الشريعة متشوفة إلى الحرية. وتثبت الحرية في أصول الناس في معتقداتهم وأقوالهم وأفعالهم وفي النهي عن تحريم المباحات. ويقابل ذلك ما للشريعة من حقوق على أتباعِها