للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سليمان، وما مفعول على إسقاط حرف الجر، أي صدها عما كانت تعبد ولا يقبل ابن عرفة هذا التأويل ويرده ويضعفه لأنه ليس من مواضع حذف الجار، وهو لايجوز إلا للضرورة الشعرية كقولهم:

تمرون الديار ولم تعوجوا ... . . . . . . . . (١)

وهو يهتم بالنكات التفسيرية:

ومن ذلك قوله في قوله تعالى {الرحمن} (٢):

وقدم على {الرحيم} إما لأن الرحمن انفرد به البارئ تعالى أو لإفادته عموم الرحمة فكان أصلا، والرحيم كان كالزيادة في التشريف للمؤمنين قال تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} (٣) وإما لأجل رأس الآي في الفاتحة. وقيل: الرحيم أبلغ بدليل ذكره بعد الرحمن، ولأن الرحمن يفيد نوعًا من القهر والكبرياء قال تعالى: {الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا} (٤) ولولا ذلك لما ناسب ذكر الوعيد معه، ولأن ختم الكلام بما هو أقوى دلالة على أن الرحمة أرجى وأقرب لحسن الظن بالله تعالى. (٥)

وقال: فإن قلت: لم قال {الذين أنعمت عليهم} (٦) بلفظ الفعل و {غير المغضوب عليهم} بلفظ الاسم؟ وهلا قال: صراط المنعم عليهم كما قال: غير المغضوب؟ قلت: فالجواب أنه قصد التنبيه على التأدب مع الله تعالى بنسبة الإنعام عليه وعدم نسبة الشر إليه بل أتى به بلفظ المفعول الذي لم يتم فاعله فلم ينسب الغضب إليه على معنى الفاعلية وإن كان هو الفاعل المختار لكل شيء لكن جرت العادة في مقام التأدب أن ينسب للفاعل الخير دون الشر.

وأجاب القاضي العماد بوجوه:

الأول: من ألطاف الله أنه إذا ذكر نعمة أسندها إليه فقال: {وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها، وإن تصبهم سيئة ...} (٧)

ولذلك قال إبراهيم عليه السلام: {وإذا مرضت فهو يشفين} (٨)


(١) ق: ٧٢.
(٢) الفاتحة: ١.
(٣) يونس: ٢٦.
(٤) الفرقان: ٢٦.
(٥) تقييد البسيلي.
(٦) الفاتحة: ٧.
(٧) الشورى: ٤٨.
(٨) الشعراء: ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>