للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمر ببناء دور في الزّاوية فوق الدّور الذي بناه مراد باي - رحمه الله تعالى -.

وفي أيّامه أرسل الشّيخ الصّالح سيدي عبد الرّحمان أبو سيف (٥٦٦) مكتوبا للشّيخ يأمره ببناء الفسقيه الكبيرة خارج الزّاوية تحت الوكالة الصّغرى، وأرسل من المال مائة دينار وقال: كلّما تزيده عرّفني به أرسل لك به، فبنيت وكانت من الأعمال النافعة المتقبّلة إن شاء الله تعالى.

وفي أيّامه عظم النّفع وكثر الوارد على المدرسة حتّى بلغ عدّة الطّلبة سنة قراءتنا بها مائتين وسبعين طالبا، ما بين متعلّم للسّنّة ومتعلّم للقرآن الكريم، وعظم الإجتهاد مبلغا لم نره في غيرها شرقا ومغربا لأنّ عادتهم في قراءة المختصر أنّ يوم الإبتداء ينظر الطّلبة درسا من أوّله ودرسا من النّصف الثّاني وهو باب البيوع، فإذا جاء الليل دخل (٥٦٧) نجباء الطّلبة وتبع كلّ واحد منهم طائفة من المبتدئين فيقدّمون الدرس الأوّل إلى جوف اللّيل ثمّ يذهبون إلى خلواتهم لاستراحة النّوم، فإذا قرب الفجر جاء رجل عيّنه الشّيخ بيده عمود يضرب به أبواب الخلوات فيوقظهم ولا ينتقل عن باب خلوة حتّى يفتح صاحبها بابها، فإذا فتح باب خلوته إنتقل لغيرها، فتوقد المصابيح ويقدّمون لهم درس البيوع فيوافق / فراغهم طلوع الشمس، فيدخل سيدي أحمد بن عبد الصّادق (٥٦٨) بشرح الخرشي فيقرئ الدّرس الأوّل ثمّ يخرجون، ويرجع بعد الزّوال فيكمل الدّرس الثّاني، وإذا جاء الليل فعل المتقدّمون فعلهم الأوّل، فإذا أصبح الصّبح دخل سيدي إبراهيم بن محمد بالشّيخ عبد الباقي فيقرئ الدّرس الأوّل من المختصر ويخرج فيدخل سيدي أحمد بن عبد الصّادق فيقرئ ما قدّمه الطّلبة أوّل الليل، ويخرج قرب الزّوال فيأكلون نصيبا من تمر حبس الزّاوية ويسبغون وضوءهم، ويرجع سيدي أحمد بن عبد الصادق فيقرئ ما قدّمه الطلبة آخر الليل ثمّ يخرج فيدخل سيدي إبراهيم بن محمّد فيقرئ باب البيوع وهكذا يستمرّ الحال، فيقدّم المقدّمون ويقرئ سيدي أحمد ما قدّموه ويقرئ سيدي إبراهيم ما أقراه سيدي أحمد فتكون الختمة (٥٦٩) الواحدة بثلاث ختمات في تسعة أشهر، والذي يظهر فيه التأهّل من المقدّمين يجيزه الشّيخ ويرجع إلى بلاده، فيذهب كلّ سنة منهم


(٥٦٦) في ط وت: «ابن يوسف»، وفي ب: «أبو يوسف». وأسرة أبو سيف من بوادي ليبيا وهم أناس أماثل أفاضل متديّنون.
(٥٦٧) ساقطة من ط وت.
(٥٦٨) سيترجم له المؤلّف فيما بعد.
(٥٦٩) في ط وت: «التمة».