١٠-وهذا الجزء الأول ينقسم إلى أربعة أقسام: وهي النظر في حد الحكم ,وفي أقسامه ,وفي أركانه, وفي مظهره.
[القسم الأول]
١١ - أما حد الحكم عند أهل السنة (١) فهو عبارة عن خطاب الشرع إذا تعلق بأفعال المكلفين بطلب أو ترك فإذا لم يرد هذا الخطاب لم تتعلق بالأفعال صفة تحسين أو تقبيح، فيكون الحسن والقبح على هذا ليس وصفا ذاتيا للأفعال. وذهبت المعتزلة إلى أن الحسن والقبيح وصف ذاتي للأفعال، فبعض ذلك مدرك بضرورة العقل كالكذب وشكر المنعم، وبعضه بانضمام الشرع كالطهارة والصلاة لما فيهما مثلا من اللفظ المانع من الفحشاء ومن النظافة. وفائدة معرفة هذا الاختلاف في هذه الصناعة تتصور عند النظر في القياس المناسب والمخيل وجميع أنواعه، وعند النظر في تصويب المجتهدين وتخطئتهم. أما أهل السنة فحجتهم أن الحسن والقبيح يطلق في عرف المتكلمين على معان.
أولها وأشهرها ما يوافق غرض المستحسن أو يخالفه. حتى يستحسن سمرة اللون مثلا واحد ويستقبحها آخر. وهذا أمر إضافى لا كالسواد والبياض الموجودين للأشياء بذاتها.
والثاني ما حسنه الشرع أو قبحه.
والثالث من معاني الحسن ما كان للإنسان مباحا فعله. وكل هذه أوصاف إضافية لا ذاتية. ومعنى ذلك أن ليس للحسن والقبح وجود
(١) يقول الغزالي في هذا الموضع من المستصفى: ((عندنا)) بدل ((عند أهل السنة)) كما وردت في مختصر ابن رشد هذا.