للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ، كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَعْرِفُوا مِنْ أَخْبَارِهِ مَا يُبَيِّنُ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الرَّافِضَةِ لَمْ يَعْرِفُوا مِنْ أَخْبَارِ الثَّلَاثَةِ مَا يُبَيِّنُ لَهُمْ فَضِيلَتَهُمْ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَهَؤُلَاءِ فِي الْجَهْلِ، وَطَلَبُ الْعِلْمِ عَلَيْهِمْ فَرْضٌ، خُصُوصًا أَمْرُ النُّبُوَّةِ. فَإِنَّ النَّظَرَ فِي أَمْرِ مَنْ قَالَ:

{إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الأعراف: ١٥٨] .

مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ إِذْ كَانَ التَّصْدِيقُ بِهَذَا مُسْتَلْزِمًا لِغَايَةِ السَّعَادَةِ، وَالتَّكْذِيبُ بِهِ مُقْتَضِيًا لِغَايَةِ الشَّقَاوَةِ، فَبِالرَّسُولِ يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ السُّعَدَاءِ وَالْأَشْقِيَاءِ وَبَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ.

وَكَمَا يَسْلُكُ هَذِهِ الطَّرِيقَ الْعَقْلِيَّةَ فِي الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ، بِأَنْ يَعْتَبِرَ حَالَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكِتَابَهُ وَشَرْعَهُ وَأُمَّتَهُ بِحَالِ غَيْرِهِ وَكِتَابِهِ وَشَرْعِهِ، وَيُنْظَرُ هَلْ هُمَا مُتَمَاثِلَانِ أَوْ مُتَفَاضِلَانِ وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ، وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ حَالَهُ أَفْضَلُ كَانَ تَصْدِيقُهُ أَوْلَى، وَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ صَادِقًا وَهُوَ كَاذِبٌ.

بَلْ لَوْ كَانَا مُتَمَاثِلَيْنِ وَجَبَ كَوْنُهُ صَادِقًا، بَلْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا مُتَقَارِبَيْنِ وَغَيْرُهُ أَفْضَلُ فَإِنَّ الْمُتَنَبِّيَ الْكَذَّابَ لَا يُقَارِبُ الصَّادِقَ، بَلْ بَيْنَهُمَا مِنَ التَّبَايُنِ مَا لَا يَخْفَى إِلَّا عَلَى أَعْمَى النَّاسِ.

وَكَذَلِكَ نَسْلُكُ هَذِهِ الطَّرِيقَ فِي جِنْسِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>