للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا تَبَيَّنَ هَذَا، فَالْمُسْلِمُونَ لَمَّا كَانَ اعْتِقَادُهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - مَوْصُوفٌ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَكَانَ مَا أَثْبَتُوهُ لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ مَلَامٌ ; لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا مَا أَثْبَتَهُ الرُّسُلُ، وَنَفَوْا مَا نَفَتْهُ الرُّسُلُ، فَكَانَ فِي هَذَا النَّفْيِ مَا يَنْفِي الْوَهْمَ الْبَاطِلَ.

بِخِلَافِ مَنْ أَثْبَتَ أُمُورًا لَمْ تَأْتِ بِهَا الرُّسُلُ، وَضَمَّ إِلَيْهَا مَا يُؤَكِّدُ الْمَعْنَى الْبَاطِلَ لَا مَا يَنْفِيهِ، وَكَانَ مِمَّا نَفَوْا عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ مُرَكِّبٍ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُنْفَرِدَةِ، وَلَا مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ.

أَمَّا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ النُّظَّارِ بَلْ أَظْهَرِهِمَا، فَإِنَّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ الْقَائِمَةِ بِأَنْفُسِهَا، لَيْسَ مُرَكَّبًا لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا.

فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَحَقُّ بِتَنْزِيهِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا، إِذْ كُلُّ نَقْصٍ نُفِيَ عَنِ الْمَخْلُوقِ، فَالْخَالِقُ أَحَقُّ بِتَنْزِيهِهِ مِنْهُ.

وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، فَتَارَةً يَقُولُونَ: لِأَنَّ الْمُرَكَّبَ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُنْفَرِدَةِ يُمْكِنُ افْتِرَاقُ أَجْزَائِهِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَتَارَةً يَقُولُونَ: لِأَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى أَجْزَائِهِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>