وَقَالَ الْآخَرُونَ: لَيْسَ فِي الْوُجُودِ إِلَّا قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ الْجِسْمُ أَوْ قَائِمٌ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ الْعَرَضُ، وَالْجِسْمُ أَشْرَفُ الْقِسْمَيْنِ. وَقَالَ: فَمَا سَمَّاهُ أُولَئِكَ جَوْهَرًا، سَمَّاهُ أُولَئِكَ جِسْمًا، وَكِلَاهُمَا لَيْسَتْ تَسْمِيَتُهُ لُغَوِيَّةً وَلَا شَرْعِيَّةً.
وَإِذَا قَالَ هَؤُلَاءِ: هُوَ جَوْهَرٌ لَا كَالْجَوَاهِرِ، كَمَا يُقَالُ: هُوَ شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ.
قَالَ أُولَئِكَ: هُوَ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ، كَمَا يُقَالُ: هُوَ شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ.
وَإِذَا قَالَ هَؤُلَاءِ: الْجَوْهَرُ يَنْقَسِمُ إِلَى كَثِيفٍ وَلَطِيفٍ، قَالَ أُولَئِكَ: وَالْجِسْمُ يَنْقَسِمُ إِلَى لَطِيفٍ وَكَثِيفٍ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا، أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَزَّهُوهُ عَمَّا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقِينَ، وَسَمَّوْهُ جِسْمًا - نِزَاعُهُمْ مَعَ النُّفَاةِ قَدْ يَكُونُ لَفْظِيًّا، كَنِزَاعِ النَّصَارَى فِي لَفْظِ " الْجَوْهَرِ "، وَقَدْ يَكُونُ عَقْلِيًّا، كَنِزَاعِهِمْ فِي الْمُشَارِ إِلَيْهِ، هَلْ هُوَ مُرَكَّبٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُنْفَرِدَةِ، أَوْ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، أَوْ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا.
وَمَنْ قَالَ مِنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ جِسْمٌ، فَيَقُولُ: إِنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُنْفَرِدَةِ، أَوْ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، فَهَؤُلَاءِ مَذْمُومُونَ لَفْظًا وَمَعْنًى عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute