للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللُّغَةِ، كَمَا فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي لَفْظِ " الْجَوْهَرِ " وَلَفْظِ " الْعَرَضِ " وَلَفْظِ " الْوُجُودِ " وَلَفْظِ " الذَّاتِ " وَغَيْرِ ذَلِكَ.

فَاسْتَعْمَلُوا لَفْظَ " الْجِسْمِ " فِيمَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ وَتُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ الْحِسِّيَّةُ الْمُخْتَلِفَةُ.

ثُمَّ تَنَازَعُوا نِزَاعًا عَقْلِيًّا فِيمَا يُشَارُ إِلَيْهِ، كَالْهَوَاءِ وَالنَّارِ وَالتُّرَابِ وَالْمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، هَلْ هُوَ مُرَكَّبٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُنْفَرِدَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، أَوْ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، أَوْ لَيْسَ مُرَكَّبًا لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

فَمَنِ اعْتَرَفَ أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ هَذَا أَوْ هَذَا، يَلْزَمُهُ - إِذَا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ - أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مُرَكَّبًا مِنْ هَذَا أَوْ هَذَا.

وَلِهَذَا قَالُوا: إِنَّ هَذَا بَاطِلٌ وَأَوْجَبُوا - عَلَى أَصْلِهِمْ - نَفْيَ مُسَمَّى هَذَا الِاسْمِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ.

وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَكَّبًا لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، قَالَ: يَلْزَمُنِي إِذَا قُلْتُ: هُوَ جِسْمٌ أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا.

فَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ لَفَظَ " الْجِسْمِ "، وَأَرَادَ بِهِ الْقَائِمَ بِنَفْسِهِ أَوِ الْمَوْجُودَ، كَمَا أَطْلَقَ هَؤُلَاءِ لَفْظَ الْجَوْهَرِ، وَقَالُوا: أَرَدْنَا بِالْجَوْهَرِ الْقَائِمَ بِنَفْسِهِ. وَكَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ: لَيْسَ فِي الْوُجُودِ إِلَّا جَوْهَرٌ أَوْ عَرَضٌ.

فَإِنَّ الْوُجُودَ إِمَّا قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ الْجَوْهَرُ، أَوْ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ الْعَرَضُ، وَالْجَوْهَرُ أَشْرَفُ الْقِسْمَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>