للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنَّ تَخْصِيصَ لَفْظِ الْمُتَوَاطِئَةِ بِهَذَا عُرْفٌ حَادِثٌ، وَهُوَ خَطَأٌ أَيْضًا.

فَإِنَّ عَامَّةَ الْمَعَانِي الْعَامَّةِ تَتَفَاضَلُ، وَالتَّمَاثُلُ فِيهَا فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهَا، بِحَيْثُ لَا تَتَفَاضَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَوَارِدِهَا، إِمَّا قَلِيلٍ وَإِمَّا مَعْدُومٍ.

فَلَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ مُتَوَاطِئَةً بَلْ مُشَكِّكَةً، كَانَ عَامَّةُ الْأَسْمَاءِ الْكُلِّيَّةِ غَيْرَ مُتَوَاطِئَةٍ، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - إِذَا أَضَافَ إِلَى نَفْسِهِ مَا أَضَافَهُ إِضَافَةً يَخْتَصُّ بِهَا، وَتَمْنَعُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ خَصَائِصِ الْمَخْلُوقِينَ، وَقَدْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّهُ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وَإِنَّهُ (لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَمِيٌّ، كَانَ مَنْ فَهِمَ مِنْ هَذِهِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَخْلُوقُ - قَدْ أُتِيَ مِنْ سُوءِ فَهْمِهِ وَنَقْصِ عَقْلِهِ، لَا مِنْ قُصُورٍ فِي بَيَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صِفَةٍ وَصِفَةٍ.

فَمَنْ فَهِمَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَخْلُوقُ مِنْ أَنَّهُ عَرَضٌ مُحْدَثٌ بِاضْطِرَارٍ أَوِ اكْتِسَابٍ، فَمِنْ نَفْسِهِ أُتِيَ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِنَا: عِلْمُ اللَّهِ - مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ مَنْ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤] الْآيَةَ. {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]

مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَخْلُوقُ مِنْ جَوَارِحِهِ وَأَعْضَائِهِ، فَمِنْ نَفْسِهِ أُتِيَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>