للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: إِنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْخَالِقِ، مَجَازٌ فِي الْمَخْلُوقِ، كَقَوْلِ أَبِي الْعَبَّاسِ النَّاشِئِ.

وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ كَقَوْلِ غُلَاةِ الْجَهْمِيَّةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَالْفَلَاسِفَةِ.

وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

ثُمَّ قِيلَ: هِيَ مُشْتَرَكَةٌ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا، وَقِيلَ: مُتَوَاطِئَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

ثُمَّ مَنْ جَعَلَ الْمُشَكِّكَةَ نَوْعًا مِنَ الْمُتَوَاطِئَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ - عِنْدَهُ - إِذَا قِيلَ: مُشَكِّكَةٌ، أَنْ تَكُونَ مُتَوَاطِئَةً، وَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ نَوْعًا آخَرَ جَعَلَهَا مُشَكِّكَةً لَا مُتَوَاطِئَةً.

وَهَذَا نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ، فَإِنَّ الْمُتَوَاطِئَةَ التَّوَاطُؤَ الْعَامَّ، يَدْخُلُ فِيهَا الْمُشَكِّكَةُ.

إِذِ الْمُرَادُ بِالْمُشَكِّكَةِ، مَا يَتَفَاضَلُ مَعَانِيهَا فِي مَوَارِدِهَا، كَلَفْظِ الْأَبْيَضِ الَّذِي يُقَالُ عَلَى الْبَيَاضِ الشَّدِيدِ، كَبَيَاضِ الثَّلْجِ، وَالْخَفِيفِ كَبَيَاضِ الْعَاجِ، وَالشَّدِيدُ أَوْلَى بِهِ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُسَمَّى الْبَيَاضِ فِي اللُّغَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالشَّدِيدِ دُونَ الْخَفِيفِ، فَكَانَ اللَّفْظُ دَالًّا عَلَى مَا بِهِ الِاشْتِرَاكُ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْعَامُّ الْكُلِّيُّ، وَهُوَ مُتَوَاطِئٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَهُوَ بِاعْتِبَارِ التَّفَاضُلِ يُسَمَّى مُشَكِّكًا.

وَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ بِالتَّوَاطُؤِ، مَا تَسْتَوِي مَعَانِيهِ، كَانَتِ الْمُشَكِّكَةُ نَوْعًا آخَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>