فيه خلافٌ بين الشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله، وقد ذكر في أول هذا الباب.
قوله:"فما تخلَّلَ"، أي: فما أخرجَها بالخِلَال من بين أسنانِه.
"فليلفظه"، أي: فليُسْقِطْه؛ لأنه ربما يخرج معه دَمٌ؛ لأن الخِلَال قد يجرَحُ بين الأسنان.
"وما لاك بلسانه"، أي: ما أخرجَه بلسانه مِن بينِ أسنانه.
"فليبتلِعْ"، أي: فليأكلْه؛ لأنه لا يخرجُ معه دمٌ؛ لأن اللسان لَيِّنٌ لا يَجْرَحُ ما بين الأسنان.
لاك يلوك لوكًا: إذا مضغ.
"من فعلَ فقد أحسن"، يعني: من فعل هذه السنةَ فقد أحسن، ومن لم يفعلها بأنْ أكلَ ما أخرجه بالخِلَال، فلا حرجَ عليه؛ لأنه لم يتيقَّنْ خروجَ الدَّمِ معه، وإن تيقَّنَ خروجَ الدَّمِ يَحْرُمْ أكلُه؛ لأن الدَّمَ حرامٌ بالإجماع.
قوله:"فإن لم يَجدْ إلا أنَّ يَجْمَعَ كَثِيبًا"، (الكثيب): الرملُ المجتمعُ، يعني: فإن لم يَجِدْ سُتْرةً، فليجمَعْ من التراب والرمل قَدْرًا كثيرًا ويَقْعُدْ وراءه، كيلا يراه أحد.
قوله:"فإن الشيطانَ يلْعَبُ بمقاعِدِ بني آدم"، يعني: فإن الشيطانَ يَحْضُرُ الرَّجُلَ إذا قضى حاجتَه؛ لأنَّ الرجلَ في هذا الوقت لا يَذْكُرُ الله، فإذا خلا الرَّجُلُ مِن ذِكْرِ الله يَحْضُرُه الشيطانُ، ويأمره بالسوء، فكذلك عند قضاء الحاجة يأمرُه بكَشفِ العَوْرة، وفي البول في الموضع الصُّلْب، ومستقبل الرِّيح؛ ليصيبَه رَشَاشُ البول، فكلُّ ذلك لَعِبُ الشيطان ببني آدم، فأمَر النبيُّ أمتَه بستْرِ العورة، ومخالفة الشيطان.