٢٤٣ - وقال رُوَيْفِع بن ثابت - رضي الله عنه -: قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا رُوَيْفِعُ! لعلَّ الحياةَ ستطولُ بكَ بعدي، فأخبِر النَّاسَ أنَّ مَنْ عَقدَ لحيتَهُ، أو تَقَلَّدَ وَتَرًا، أو استنجى برجيعِ دابَّةٍ أو عظمٍ فإن محمدًا منه بَرِيءٌ".
قوله:"لعل الحياةَ ستطولُ بك بعدي"، يعني: لعلَّكَ تعيش بعدي مدة، فأخبر الناسَ أنَّ من فعل شيئًا من هذه الأشياء.
"فأنا منه بريء"، لأنه فعل فِعلًا لم آمرْه به، وليس من سُنَّتي، وهذا تهديدٌ ومبالغةٌ في الزَّجْر عن فِعْلِ هذه الأشياء.
"من عَقَدَ لحيتَه"، كان عادة العرب في الجاهلية وفي الأعاجم أيضًا: أنهم يَعْقِدُون اللِّحيةَ في الحرب، وبعضهم يَلْوِي لِحْيَتَه ويجعلُه جَعْدًا.
فنهى النبي - عليه السلام - أمتَه من هذه؛ لأن هذا تغييرُ خَلْقِ الله، وأَمَرَهم باستعمالِ المِشْط، وإصلاحِ الشَّعْر للزينة؛ لأن الإنسانَ ينبغي أن يكونَ حَسَنَ الصُّورة.
قوله:"أو تقلَّد وَتَرًا"، كان عادةُ أهلِ الجاهليةِ: أنهم يَجعلونَ في رِقابِ دوابِّهم الوَتَرَ، وَيزْعُمون أنَّ الوَتَرَ يدفعُ العَين، ويحفظ من الآفات، فنهى النبي - عليه السلام - أمتَه عن هذا؛ لأنه لم يدفعْ شيءٌ الآفةَ سوى الله وكلامِه، كما جاء في (باب الرقية بكلام الله).
ويحتمل أن يريد بالنهي عن تقليد الوَتَر: الاحترازَ عن اختناقِ الدابة بالوَتَر؛ أي: يَعْصِرُ الوَتَرُ عنقَها فتموتُ.
ويحتمل أن يريد بتقليد الوَتَر: ما يَجعلُ جماعة من القَلَنْدَرِيَّة في أعناقهم من الحَلْقة والخيوط، فإن هذا تغييرُ خلقِ الله بما لم يأتِ به الشَّرْع.