بمعنى (علم)، فالضمير البارز مفعوله الأول، و (أجوف) مفعوله الثاني و (عرف) جواب (لما).
و (الأجوف): الذي له جوفٌ، (لا يتمالَكُ)؛ أي: لا يملِكُ بعضه بعضًا؛ لأنه ذو أبعاض مختلفة، فيصدرُ منه ما يوجبُ تغيُّرَ الأحوال عليه، وعدم الاستمرار على الطاعة، فيكون محتاجًا إلى الطعام والشراب والنكاح، فإن مُنِعَ فلا يَصْبر، أو يريد: سوف يكون فانيًا لاختلاف أحواله، فإذا غلبَ نوعٌ أفسدَ الباقيَ لغلبته، كما هو حال أولاد آدم.
* * *
٤٤٢٧ - عن أنسٍ - رضي الله عنه -: قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا خَيْرَ البرِيَّةِ، فقالَ:"ذاكَ إِبْراهِيْمُ".
قوله:"فقال: يا خيرَ البرية، فقال: ذاك إبراهيم"، (البرَّيةُ): فعيلة، متروكة الهمزة في الاستعمال مِن (بَرَأَ) إذا خَلَقَ.
(ذاك): إشارة إلى خير البرية.
ولا يخفى أنه - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ مَن في السماواتِ والأَرَضين بدلائلَ كثيرةٍ، لكنه تواضعَ، إما لتعظيم الأبوة، وإما لأنَّ هذه الصفة تعني الأفضلية مختصَّةً به.
فحينئذٍ يجوزُ له أن يعطيَها أحدٌ من الأنبياء صلوات الله عليهم، سيما إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، كما أن الصلاةَ المخصوصةَ به كان له أن يصليَ على واحدٍ من الذين كانوا يُعْطُون الزكاة حالةَ الأداء، كما قال:"اللهم صلِّ على آلِ أبي أوفى"، بخلاف غيره - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لا يجوزُ أن يصلِّيَ على المعطي عَقِبَ الأداء، بل يدعو له.